[ ص: 305 ]
باب الهادي ذكر خلافة موسى
وهو موسى بن محمد المهدي بن المنصور ، ويكنى أبا محمد ، وأمه:
الخيزران أم ولد ، وكان طويلا جسيما أبيض مشربا حمرة ، وفي شفته العليا تقلص ، ولد بالري ، وكان يثب على الدابة وعليه درعان ، وكان يسميه: ريحانتي . المهدي
ذكر بيعته
بويع لموسى الهادي يوم توفي ، وكان المهدي إذ ذاك الهادي بجرجان يحارب أهل طبرستان ، فاجتمع الموالي والقواد على هارون ، وقالوا: إن علم الجند بوفاته لم نأمن الشغب ، والرأي أن تنادي في الجند بالقفول حتى نواريه ببغداد ، فقال هارون:
ادعوا إلي أبا يحيى بن خالد ، وكان قد ولى المهدي هارون المغرب كله من الأنبار إلى إفريقية ، فأمر أن يتولى ذلك ، وكان يقوم بأعماله ودواوينه إلى أن توفي ، فلما جاء يحيى بن خالد يحيى قال له هارون: يا أبت ، ما تقول فيما يقول عمرو بن بزيع ونصير والمفضل؟ قال: وما قالوا؟ فأخبره ، قال: ما أرى ذلك ، قال: ولم؟ قال: لأن هذا لا يخفى ، ولا آمن إذا علم الجند أن يتعلقوا بمحمله ويقولون: لا نخليه حتى نعطى لثلاث سنين وأكثر ، ويتحكموا ويشتطوا ، ولكن أرى أن يوارى هاهنا ، وتوجه نصيرا إلى أمير المؤمنين بالخاتم والقضيب والتعزية والتهنئة ، فإن البريد لا ينكر أحد خروجه ، [ ص: 306 ] وأن تأمر لمن معك من الجند بجوائز مائتين مائتين ، وتنادي فيهم بالقفول ، فإنهم إذا قبضوا الدراهم لم يكن لهم همة سوى أهاليهم وأوطانهم ، فلما قبض الجند الدراهم قالوا: الهادي بغداد بغداد ، فلما وصلوا إلى بغداد وعلموا خبر الخليفة ساروا إلى منزل الربيع فأخرجوه ، وطالبوا بالأرزاق وضجوا ، وقدم هارون بغداد ، وأعطى الجند لسنتين ، فسكتوا .
ووجه هارون الجنود إلى الأمصار ونعى لهم وأخذ بيعتهم المهدي ، للهادي ، وله بولاية العهد ، ولما بلغ وفاة الهادي نادى من فوره بالرحيل ، فلما وصل إلى المهدي مدينة السلام استقبله الناس ، فوصل لعشر بقين من صفر ، فسار من جرجان إلى بغداد في عشرين يوما ، فلما قدمها نزل القصر الذي يسمى الخلد ، وكان له [جارية] حظية تحبه ، فكتبت إليه وهو بجرجان .
يا بعيد المحل أمسى بجرجان نازلا
[في أبيات أخر] فلما دخل بغداد لم يكن له هم سواها ، فدخل فأقام عندها يومه وليلته قبل أن يظهر للناس .
ثم ولى الربيع الوزارة مكان عبيد الله بن زياد بن أبي ليلى ، وضم إليه ما كان عمر بن بزيع يتولاه من الزمام ، وولى الحجابة ، وولى الفضل بن الربيع محمد بن جميل ديوان خراج العراق ، وولى ابن زياد خراج الشام وما يليه ، وأقر على حرسه علي بن عيسى بن ماهان ، وضم إليه ديوان الجند ، وولى شرطه عبد الله بن مالك مكان عبد الله بن حازم ، وأقر الخاتم بيد علي بن يقطين ، وولى أبا يوسف القضاء .
ذكر أولاده
كان له جعفر وهو الذي يرشحه للخلافة ، والعباس ، وعبد الله ، وإسحاق ، [ ص: 307 ] وإسماعيل ، وسليمان ، وموسى ولد بعد موت أبيه ، وكلهم لأمهات أولاد ، وكان له ابنتان: أم عيسى وكانت عند المأمون ، وأم العباس .