[نفقت الدواب والبقر ]
وفي هذه السنه : نفقت الدواب والبقر .
، و [كان ] السبب في ذلك : أن وفيها : كان الفداء بين المسلمين والروم تذورة ملكة الروم أم ميخائيل ، كانت قد بعثت تطلب الفداء لمن في أيدي [الروم من ] المسلمين ، وكان المسلمون قد قاربوا عشرين ألفا ، فوجه رجلا يقال له : المتوكل
نصر بن الأزهر ، ليعرف تقدير عدد المأسورين ، فأقام عندهم حينا ، ثم خرج ، فأمرت الملكة بعرض الأسارى على النصرانية ، فمن تنصر منهم كان له أسوة بالنصارى ، ومن أبى قتلته ، فقتلت من الأسارى اثني عشر ألفا ثم أمرت بالفداء ، ففودي من المسلمين سبعمائة وخمسة وسبعون رجلا ، ومن النساء مائة وخمس وعشرون وفيها : أغارت البجه على حرس من أهل مصر ، فوجه لحربهم المتوكل محمد بن عبد الله القمي .
وكان ما بين البجه والمسلمين هدنة ، والبجه جنس من أجناس الحبش [ ص: 285 ] بالمغرب ، وفي بلادهم معادن من الذهب ، كانوا يقاسمون من يعمل فيها ، ويؤدون إلى عمال مصر في كل سنة شيئا من معادنهم ، فامتنعوا من أداء الخراج ، فعلم ، فشاور في أمرهم ، فقيل له : إنهم أصحاب إبل والوصول [إليهم و ] إلى بلادهم صعب ، وبينها وبين أرض الإسلام مسيرة شهر ، في أرض مقفرة وجبال وعرة ، لا ماء فيها ولا زرع . المتوكل
فأمسك عنهم ، ثم تفاقم أمرهم ، حتى خاف أهل المتوكل مصر على أنفسهم منهم ، فولى المتوكل محمد بن عبد الله القمي محاربتهم ، وتقدم إليه أن يكاتب عنبسة بن إسحاق الضبي العامل على حرب مصر ، وكتب إلى عنبسة بإعطائه جميع ما يحتاج إليه من الجند ، فأزاح عنبسة علته في ذلك ، فخرج إلى أرض البجه في عشرين ألفا ، وحمل في البحر سبع مراكب موقرة بالدقيق والسويق والتمر والزيت عشرين ألفا ، وحمل في البحر سبع مراكب موقرة بالدقيق والسويق والتمر والزيت والشعير ، وأمر قوما من أصحابه أن يوافوه بها في ساحل أرض البجة .
فلما صار إلى حضرتهم خرج إليه ملكهم ، فجعل يطاوله الأيام ولا يقاتله .
فلما ظن أن الأزواد قد فنت ، أقبلت المراكب السبعة ، فلما رأى أمير البجه ذلك حاربهم ، واقتتلوا قتالا شديدا ، وكانت الإبل التي يحاربون عليها زعرة تفزع من كل شيء ، فجمع محمد بن عبد الله جميع أجراس الإبل والخيل التي كانت في عسكره ، فجعلها في أعناق الخيل ، ثم حمل عليهم فتفرقت إبلهم لأصوات الأجراس ، واشتد رعبها ، فحملتهم على الجبال والأودية ، ومزقتهم كل ممزق ، واتبعهم القمي قتلا وأسرا ، وذلك في أول سنة إحدى وأربعين ، ثم رجع إلى عسكره ، فوجدهم قد صاروا إلى موضع يأمنون فيه ، فوافاهم بالخيل ، فهرب ملكهم ، فأخذ تاجه ومتاعه ، فطلب ملكهم الأمان على نفسه على أن يرد إلى ملكه ، فأعطاه القمي ذلك ، فأدى إليه [ ص: 286 ] الخراج للمدة التي كان منعها . وانصرف القمي بملكهم إلى فكساه . المتوكل
وفيها : جعل كور شمشاط عشرا ، ونفلهم من الخراج إلى العشر . المتوكل
وفي هذه السنة : وقع بسامراء حريق احترق فيه ألف وثلاثمائة حانوت .
وحج بالناس في هذه السنة جعفر بن دينار وهو والي [طريق ] مكة وأحداث الموسم .