[ذكر يونس  عليه السلام]  
كان يونس  بعد سليمان .  وبعض العلماء تجعل بينهما أيوب ،  وتقديم أيوب  على ما اخترنا أوضح . 
وهو يونس بن متى ،  ومتى  أبوه ، وهو من ولد بنيامين بن يعقوب .  
وكان قبل النبوة من عباد بني إسرائيل ، هرب بدينه فنزل شاطئ دجلة ،  فبعثه الله نبيا إلى أهل نينوى  من أرض الموصل  وهو ابن أربعين سنة ، وكانوا جبارين . 
قال  وهب بن منبه:  فضاق بالرسالة ذرعا ، وشكى إلى الملك الذي أتاه ضيق ذرعه ، فأعلمه أنه إن أبلغتهم الرسالة فلم يستجيبوا له عذبهم الله ، وإن لم يبلغهم أصابه ما يصيبهم من العذاب ، وإن الأجل أربعون يوما ، فأنذرهم وأعلمهم بهذا الأجل ، فقالوا له: إن رأينا أسباب العذاب أصابك . 
ثم انصرفوا عنه على ذلك ، فلما مضى من الميقات خمسة وثلاثون يوما غامت السماء غيما أسود يدخن ، واسودت سطوحهم ، فأيقنوا بالعذاب ، وبرزوا من القرية بأهليهم وبهائمهم ، وفرقوا بين كل ذات ولد وولدها ، ثم تضرعوا إلى ربهم فرحمهم الله تعالى ، وقبل توبتهم . 
ثم إن يونس  ساح فرأى راعيا في فلاة فسقاه لبنا وهو مستند إلى صخرة ، فأعلمه أنه يونس ،  وأمره أن يقرأ على قومه السلام ، فقال: يا نبي الله لا أستطيع؛ لأن من كذب منا قتل . قال: فإن كذبوك فالشاة التي سقيتني من لبنها وعصاك والصخرة يشهدون لك . 
فأتاهم الراعي فأخبرهم فأنكروا قوله ، فأنطق الشاة والعصا والصخرة فشهدوا له فقالوا له: أنت خيرنا حين نظرت إلى نبينا فملكوه عليهم أربعين سنة . 
وروى عمرو بن ميمون ،  عن  ابن مسعود ،  قال: كان يونس  قد وعد قومه العذاب ،  [ ص: 396 ] وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام ، ففرقوا بين كل والدة وولدها يجاورون إلى الله ، فكف الله عنهم العذاب ، فلم ير شيئا ، وكان من كذب ولم تكن له بينة قتل . 
فانطلق مغاضبا فركب سفينة فركدت والسفن تسير يمينا وشمالا ، فقالوا: ما لسفينتكم؟ قالوا: ما ندري ، فقال يونس:  إن فيها عبدا آبق من ربه ، وإنها لا تسير بكم حتى تلقونه ، قالوا: أما أنت يا نبي الله فلا والله لا نلقيك ، فقال: اقترعوا ، فغلب ثلاث مرات . 
فوقع فابتلعه الحوت وأهوى به إلى قرار الأرض ، فسمع يونس  تسبيح الحصى ، فنادى في الظلمات ، ظلمة بطن الحوت ، وظلمة الليل ، وظلمة البحر ، فنبذناه بالعراء وهو سقيم  كهيئة الطائر الممعوط الذي ليس عليه ريش ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، فكان يستظل تحتها ويصيب منها ، فيبس ، فبكى ، فأوحي إليه: أتبكي على شجرة أن يبست ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أن تهلكهم . 
أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء ،  قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الزينبي ،  قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الوراق ،  قال: حدثنا محمد بن السري التمار ،  قال: حدثنا  الحسن بن عرفة ،  قال: حدثنا  عبيد الله بن موسى ،  قال: حدثنا  الأعمش ،  عن  عمرو بن مرة ،  عن عبد الله بن الحارث ،  قال: لما التقم الحوت يونس  نبذه إلى قرار الأرضين ، فسمع تسبيح الحصى في الحمأة ، فذلك الذي نابه . فنادى: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين   [21: 87] . 
وفي قدر مكثه في بطن الحوت خمسة أقوال: 
أحدها: أربعون يوما . قاله  أنس بن مالك ،   وابن جريج ،  والسدي .  
والثاني: سبعة أيام . قاله عطاء ،  وابن جبير .  
والثالث: ثلاثة أيام . قاله  مجاهد ،  وقتادة .   [ ص: 397 ] 
والرابع: عشرون يوما . قاله الضحاك .  
والخامس: بعض يوم . قاله  الشعبي .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					