ثم دخلت
فمن الحوادث فيها: سنة ست وثلاثمائة
أن في أول يوم من المحرم فتح سنان بن ثابت الطبيب مارستان السيدة الذي اتخذه لها بسوق يحيى على دجلة ، وجلس فيه ورتب المتطببين ، وكانت النفقة عليه كل شهر ستمائة دينار ، وأشار سنان على باتخاذ مارستان فاتخذه المقتدر بباب الشام [فولاه سنان] وسمي المقتدري ، وكانت النفقة [عليه] في كل شهر مائتي دينار .
وقرئت الكتب على المنابر في صفر بما فتح الله عز وجل [على يد يسر الأفشيني ببلاد الروم ، وقرئت على المنابر في ربيع الأول بما فتح الله] على ثمل الخادم في بحر الروم .
وفى ربيع الآخر: توفي محمد بن خلف وكيع ، فتقلد أبو جعفر ابن البهلول ما كان يتولاه من القضاء بمدينة المنصور وقضاء الأهواز . [ ص: 179 ]
وفى هذا الشهر شغب أهل السجن الجديد ، وصعدوا السور ، فركب نزار بن محمد صاحب الشرطة ، وحاربهم ، وقتل منهم واحدا ، ورمى برأسه إليهم فسكنوا .
وفي هذا الشهر : ركب إلى المقتدر الثريا ، وانصرف ، فدخل من باب العامة ، ووقف طويلا حتى رآه الناس ، وأرجف الناس بمرض وأشاعوا موته ، فركب إلى المقتدر باب الشماسية ثم انحدر في دجلة إلى قصره . حتى رأوه فسكنوا .
وفى جمادى الأولى: قبض على أبي الحسين علي بن محمد بن الفرات ، ووكل بداره وما كان فيها .
وفي هذه السنة: وثب بنو هاشم على علي بن عيسى لتأخر أرزاقهم ، فمدوا أيديهم إليه ، فأمر بالقبض عليهم وتأديبهم ونفاهم إلى المقتدر البصرة ، وأسقط أرزاقهم ، فسأل فيهم علي بن عيسى [فردوا] فتواروا وقبض على ابنه وبيعت أمواله وأملاكه ، وحوسب ، وكان [مما أعطى] سبعمائة ألف [دينار] ، وكان السبب أنه أخر إطلاق [أرزاقهم] ، وأرزاق الجند ، واحتج بضيق المال ، [وكان قد] صرفه إلى محاربة ابن أبي الساج ، فطلب من إطلاق مائتي ألف دينار من بيت المال [لإعطاء الجند] ، فثقل ذلك على المقتدر وراسل المقتدر ، فإنه كان قد ضمن [ ص: 180 ] له أن يقوم بسائر النفقات ، فاحتج بما أنفق على محاربة ابن الفرات ابن أبي الساج ، فلم يسمع اعتذاره . وكوتب في الوقت أبو محمد حامد بن العباس بالإصعاد إلى الحضرة ، فتلقاه الناس ، وبعثت إليه الألطاف ، فلما قدم خلع عليه فركب وخلفه أربعمائة غلام لنفسه وصار إلى الدار بالمخرم فنزلها ، وبان عجزه في التدبير ، فأشير عليه أن يطلب علي بن عيسى [يكون بين يديه ففعل ، فأخرج علي بن عيسى فحمل] إلى حامد ، فكان يحضر ومعه دواة وينظر في الأعمال ويوقع ، وكان أبو علي بن مقلة ملازما لحامد يكتب بين يديه ويوقع بحضرته ، وكان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل المعروف بزنجي يحضر أيضا بين يدي حامد ، فقوي أمر أبي الحسن علي بن عيسى حتى غلب على الكل ، فكان يمضي الأمور في النقض والإبرام من غير مؤامرة حامد ، وقد كان يحضر دار حامد في كل يوم دفعتين مدة شهرين ثم صار يحضر كل يوم دفعة واحدة ثم صار يحضر كل أسبوع مرة ، ثم سقطت منزلة حامد عند في أول صفر سنة سبع وتبين هو وخواصه أنه لا فائدة في الاعتماد عليه في شيء من الأمور ، فتفرد حينئذ المقتدر أبو الحسن علي بن عيسى بتدبير جميع أمور المملكة ، وصار حامد لا يأمر في شيء [بتة] .
وقلد المظالم في جمادى الآخرة من هذه السنة ، وفي هذه السنة أمرت السيدة أبو عمر القاضي أم المقتدر قهرمانة لها تعرف بثمل أن تجلس بالتربة التي بنتها بالرصافة للمظالم ، وتنظر في رقاع الناس في كل جمعة ، فجلست وأحضرت [ ص: 181 ] القاضي أبا الحسين بن الأشناني وخرجت التوقيعات على السداد .
أخبرنا قال: أخبرنا ابن ناصر ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحميدي ، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الحافظ ، قال: قعدت ثمل القهرمانة في أيام للمظالم ، وحضر مجلسها القضاة والفقهاء . المقتدر
وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك .