[ ص: 247 ] ثم دخلت سنة ست وستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه توفي أبو علي بن بويه في المحرم ، فوجد عضد الدولة طريقا إلى ما كان يخفيه من قصد العراق ،
وفي ليلة الثلاثاء ، لست بقين من جمادى الأولى: نقلت بنت عز الدولة زوجة الطائع إليه .
وبلغت زيادة دجلة في رمضان ، وهو الخامس والعشرين من نيسان: أحدا وعشرين ذراعا ، وانفجر بالزاهر بثق وبباب التبن آخر .
وفي شوال: ورد أبو بكر محمد بن علي بن شاهويه صاحب القرامطة إلى الكوفة ومعه ألف رجل منهم ، وأقام الدعوة بها وبسوراء والنيل للطائع لله ولعضد الدولة ، عضد الدولة وعز الدولة ، فأسر فيها غلام تركي وكانت وقعة بين لعز الدولة لم يكن من قبل بأحظى غلمانه ، ولا بأقربهم منه ، فجن عليه جنونا ، وحزن عليه حزنا شديدا ، وتسلى عن كل شيء إلا عنه ، وزال تماسكه ، واطرح القرار ، وامتنع من المطعم والمشرب ، وانقطع إلى البكاء ، واحتجب عن الناس ، وكان إذا وصل إليه وزيره أو قواده قطعهم بالشكوى ، لما حل به ، وحرم على نفسه الجلوس في الفرش والمخاد .
وكتب إلى عضد الدولة يسأله رد الغلام [ إليه ] وكتب إلى خواصه المطيفين به يسألهم [ ص: 248 ] معونته على ما رغب إليه فيه ، فصار ضحكة بين الناس ، وعاتبه الخلق ، فما ارعوى ، وأنفذ الشريف أبا أحمد الحسين بن موسى رسولا إليه في هذا الأمر ، وبذل له [ على يده ] فدية الغلام جاريتين عوادتين لم يكن لهما نظير ، وكان قد بذل له في إحداهما مائة ألف ، فأبى أن يبيعها ، وقال له: إن وقف عليك هذا الأمر في الفداء فزد ما ترى ، ولا تفكر فيما بيني وبين عضد الدولة إلا في هذا الغلام ، فقد رضيت أن آخذه وأمضي إلى أقصى الأرض . فلما أدى الرسالة أمر عضد الدولة برد الغلام .
في هذه السنة: حج بالناس أبو عبد الله أحمد بن أبي الحسين محمد بن عبيد الله العلوي ، وكذلك إلى سنة ثمانين وثلاثمائة .
وفي هذه السنة خطب للمغاربة في مدينة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان في حاج هذه السنة جميلة بنت ناصر الدولة أبي محمد بن حمدان ، وكان معها أخواها إبراهيم ، وهبة الله ، فضرب بحجها المثل ، فإنها استصحبت أربعمائة جمل عليها محامل عدة ، ولم يعلم في أيها كانت ، ونثرت على الكعبة حين شاهدتها عشرة آلاف دينار من ضرب أبيها ، وكست المجاورين بالحرمين ، وأنفقت الأموال الجزيلة ، وقتل أخوها في الطريق ، فتصدقت بدمه .