فمن الحوادث فيها:
أنه أبو منصور محمد بن الحسن ، فتلقاه القواد والحجاب ، والحواشي ، والكتاب ، ووجوه أهل بغداد ، فلما قارب تلقاه ورد الوزير شرف الدولة بالشفيعي يوم السبت لست خلون من المحرم ، ووصل في صحبته عشرون ألف ألف درهم ، وثياب ، وآلات كثيرة ، وكان يغلب عليه الخير وإيثار العدل ، وكان إذا سمع الأذان ترك جميع شغله ، وتوفر على أداء فرضه ، وكان يكثر التقليد [ والعزل ] ولا يترك عاملا يقيم في ناحية سنة .
وفي يوم السبت ثامن عشر صفر: عقد مجلس حضره الأشراف ، والقضاة ، والشهود ، وجددت فيه التوثقة بين الطائع لله وشرف الدولة ،
وفي يوم السبت الثاني من ربيع الأول: ركب شرف الدولة إلى دار في الطيار بعد أن ضربت القباب على شاطئ الطائع لله دجلة وزينت الدور التي عليها من الجانبين بأحسن زينة ، وخلع عليه الخلع السلطانية ، وتوجه ، وطوقه ، وسوره ، وعقد له لواءين ، واستخلفه على ما وراء بابه ، وقرئ عهده بمسمع منه ومن الناس على طبقاتهم .
وخرج من حضرته فدخل إلى أخته زوجة الطائع ، فأقام عندها إلى العصر وانصرف ، [ ص: 322 ] والعسكر والناس مقيمون على انتظاره ، ولما حمل اللواء تخرق ووقعت قطعة منه ، فتطير من ذلك ، فقال الطائع له: لم تتخرق ، وإنما انفصلت قطعة منه وحملتها الريح ، وتأويل هذه الحال: أنك تملك مهب الرياح ، وكان في جملة من حضر [ مع ] شرف الدولة أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف ، فلما رآه قال له: الطائع لله
مرحبا بالأحبة القادمينا أوحشونا وطال ما آنسونا
فقبل الأرض وشكر ، ودعا ، وجلس شرف الدولة في داره للتهنئة يوم الاثنين لأربع خلون من الشهر ، وعليه الخلع ، وبين يديه لواءان مركوزان أبيض وأسود ، ووصل إليه العامة والخاصة ، ورد شرف الدولة على الشريف أبي الحسن محمد بن عمر جميع أملاكه ، وخراج أملاكه في كل سنة ألفي ألف وخمسمائة ألف درهم ، ورد على الشريف أبي أحمد الموسوي [ جميع ] أملاكه ، ورفع أمر المصادرات وسد طرق السعايات .وفي شهر ربيع الأول: بيعت الكارة من الدقيق الخشكار بمائة وخمسة وستين درهما ، وجلا الناس عن بغداد ، ثم زاد السعر في ربيع الآخر فبلغ ثمن الكارة الخشكار مائتين وأربعين درهما .
وفي يوم السبت لليلتين بقيتا من ربيع الآخر: توفيت والدة شرف الدولة ، وكانت امرأة تركية أم ولد ، فركب إليه في الماء معزيا بها . الطائع لله
وفي شعبان: ولد لشرف الدولة ولدان ذكران توأمان ، كنى أحدهما: أبا حرب وسماه: سلار ، وكنى الآخر أبا منصور ، وسماه: فناخسرو ،
[ بعث شرف الدولة العسكر لقتال بدر بن حسنويه ]
وفي هذه السنة: بعث شرف الدولة العسكر لقتال بدر بن حسنويه [ ص: 323 ] فظفر بهم بدر ، وانهزموا ، واستولى بدر بعد ذلك على الجبل وأعماله .
وفي ذي الحجة: وقع مع الغلاء وباء عظيم .