[ ص: 40 ] ذكر حوادث مرت عقيب رفع عيسى عليه السلام  
فمنها افتراق العقائد   : 
روى أبو معشر المدني  ، عن  محمد بن كعب القرظي  ، قال: لما رفع عيسى عليه السلام  اجتمع من علماء بني إسرائيل  مائة رجل ، فقال بعضهم لبعض: أنتم كثير ونتخوف الفرقة ، ليخرج بعضكم . فأخرجوا عشرة عشرة حتى بقت عشرة ، فقالوا: أنتم كثير ، أخرجوا بعضكم ، فأخرجوا ستة وبقي أربعة ، إليهم ينتهي علم بني إسرائيل  ، فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في عيسى  ؟ فقال رجل منهم: أتعلمون أن أحدا يحيى الموتى إلا الله ؟ قالوا: لا . قال: أتعلمون أن أحدا يعلم الغيب إلا الله ؟ قالوا: لا ، قال: أتعلمون أن أحدا يبرئ الأكمه والأبرص إلا الله ؟ قالوا: لا . قال: فإنه هو الله كان في الأرض ما بدا له ، ثم صعد إلى السماء حين بدا له . 
فقال الآخر: أنا لا أقول كما [ قلت ، قد عرفنا عيسى  وعرفنا أمه ، بل هو ولده . 
فقال الآخر: لا أقول كما ] قلتما ، ولكن جاءت به أمه من عمل غير صالح . 
فقال الآخر: لا أقول كما تقولون ، قد كان عيسى  يخبركم أنه عبد الله وروح الله وكلمته ألقاها إلى مريم  فقولوا كما قال لنفسه . 
فتفرقوا فخرج رجل منهم فسألوه: ما قلت ؟ قال: قلت هو الله ، فاتبعه عنق من الناس . ثم قالوا للآخر: ما قلت ؟ قال: قلت هو ولده ، فاتبعه عنق من الناس ، ثم خرج الثالث فقالوا: ما قلت ؟ قال: قلت جاءت به أمه من عمل غير صالح ، [ فاتبعه عنق من  [ ص: 41 ] الناس ] ثم خرج الآخر ، فقالوا: ما قلت ؟ قال: قلت هو عبد الله وروح الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم  ، فاتبعه عنق من الناس . 
وروى  شيبان  ، عن  قتادة  قال: ذكر لنا أنه لما رفع عيسى عليه السلام  انتخب أربعة من فقهائهم فقالوا للأول: ما تقول في عيسى  ؟ قال: هو الله [ هبط إلى الأرض فخلق ما خلق وأحيا ما أحيا ] ثم صعد إلى السماء . فاتبعه على ذلك ناس ، فكانت اليعقوبية من النصارى   . 
فقالت الثلاثة الأخر: نشهد أنك كاذب ، فقالوا للثاني: ما تقول في عيسى  ؟ 
فقال: هو ابن الله . وتابعه على ذلك ناس ، فكانت النسطورية من النصارى   . 
فقال الاثنان الآخران: نشهد أنك كاذب ، فقالوا للثالث: ما تقول في عيسى  ؟ 
فقال: هو إله ، وأمه إله ، والله إله ، فبايعه على ذلك ناس . فكانت الإسرائيلية من النصارى  الذي يقال دين الملك . 
فقال الرابع: أشهد أنك كاذب ، ولكنه عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم  ، وروحه . 
فاختصم القوم ، فقال المرء المسلم: أنشدكم الله ، أتعلمون أن عيسى  كان يطعم الطعام ؟ قالوا: نعم . قال: وهل تعلمون أن الله لا يطعم الطعام ؟ قالوا: اللهم نعم ، قال: فأنشدكم الله ، أتعلمون أن عيسى  كان ينام ؟ قالوا: نعم ، قال: فهل تعلمون أن الله عز وجل لا ينام ؟ قالوا: نعم . قال: فخصمهم 
				
						
						
