2933 - عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان أبو عبد الله العكبري المعروف بابن بطة:
ولد يوم الاثنين لأربع خلون من شوال سنة أربع وثلاثمائة ، وسمع أبا القاسم البغوي ويحيى بن صاعد وأبا بكر النيسابوري ، وخلقا كثيرا ، وسافر البلاد البعيدة في طلب العلم ، روى عنه أبو الفتح بن أبي الفوارس ، والأزجي ، والبرمكي وغيرهم ، وأثنى عليه العلماء الأكابر .
أخبرنا أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أحمد بن علي بن ثابت قال: حدثني القاضي أبو حامد أحمد بن محمد الدلوي قال: لما رجع من الرحلة لازم بيته أربعين سنة ، فلم ير منها في سوق ولا رئي مفطرا إلا في يومي الأضحى والفطر ، وكان أمارا بالمعروف ، ولم يبلغه خبرا منكرا إلا غيره أو كما قال . أبو عبد الله بن بطة
أخبرنا القزاز ، أخبرنا أحمد بن علي [ أخبرنا ] قال: كان العتيقي شيخا صالحا مستجاب الدعوة . ابن بطة
أخبرنا عبد الرحمن [ أخبرنا أحمد ] بن علي قال: لم أر في شيوخ أصحاب الحديث ولا في غيرهم أحسن هيئة من ، ابن بطة
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي عن [ أبي محمد ] الحسن بن علي الجوهري قال: سمعت أخي أبا عبد الله الحسين بن علي يقول: ، فقلت: يا رسول الله ، قد اختلفت علينا المذاهب ، فبمن نقتدي ، فقال [ لي ] عليك رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بأبي عبد الله بن [ ص: 391 ] بطة ، فلما أصبحت لبست ثيابي وأصعدت إلى عكبرا ، فدخلت إليه ، فلما رآني تبسم وقال لي: صدق رسول الله ، صدق رسول الله ، صدق رسول الله . يقولها ثلاثا .
قال المصنف: وقد تعصب له الخطيب بعد أن نقل عن مشايخه [ الأكابر ] مدحه ، فغمزه بأشياء منها أنه قال: كتب إلي أبو ذر عبد بن أحمد الهروي من مكة يذكر أنه سمع نصرا الأندلسي يقول: خرجنا إلى عكبرا فكتبت عن كتاب السنن ابن بطة لرجاء بن مرجى عن حفص بن عمر الأردبيلي عن رجاء ، فأخبرت فقال: هذا محال ، دخل الدارقطني رجاء بغداد سنة أربعين ، ودخل حفص سنة خمسين ومائتين ، فكيف سمع منه ؟ !
قال الخطيب : وحدثني عبد الواحد الأسدي أنه لما أنكر هذا تتبع الدارقطني النسخ التي كتبت عنه وغير الرواية وجعلها عن ابن بطة أبي الراجيان عن فتح بن شخرف ، عن رجاء ،
وجواب هذا أن كان من أبا ذر الأشاعرة المبغضين ، وهو الحرم مذهب الأشعري ، ولا يقبل جرحه لحنبلي يعتقد كفره ، وأما أول من أدخل عبد الواحد الأسدي ؛ فهو ابن برهان ، وكان معتزليا . قال الخطيب : كان يذكر أنه سمع من ابن برهان ولم يرو شيئا وإنما كانت له معرفة بالنحو واللغة . ابن بطة
وقال: ابن عقيل كما يختار مذهب ابن برهان مرجئة المعتزلة وينفي ، ويقول دوام العقاب في حق من لا يجوز عليه التشفي ، لا وجه له مع ما قد وصف به نفسه من الرحمة ، وهذا إنما يوجد في الشاهد لما يعتري الغضبان من طلب الانتقام ، وهذا يستحيل في حقه . الخلود في حق الكفار
قال ابن عقيل : وهذا كلام نرده على قائله ما قد ذكره ، وذلك أنه أخذ صفات الباري تعالى من صفات الشاهد ، وذكر أن المثير للغضب ما يدخل على قلب الغضبان من غليان الدم؛ طلبا للانتقام ، وأوجب بذلك منع دوام العقاب حيث لا يوجد في حقه سبحانه التشفي . والشاهد يرد عليه ما ذكره؛ لأن المانع من التشفي غلبة الرحمة والرأفة ، وكلاهما رفعه طبع ، وليس الباري بهذا الوصف ولا رحمته وغضبه من أوصاف المخلوقين بشيء ، وهذا الذي ذكره من عدم التشفي وفورة الغضب كما يمنع دخوله عليه من الدوام يمنع من دخوله ووصفه ، ينبغي بهذه الطريقة أن يمنع أصل الوعيد ويحيله في حقه سبحانه كسائر المستحيلات عليه ، ولا يختلف نفس وجودها ودوامها ، فلا أفسد اعتقادا ممن أخذ صفات الله من صفاتنا وقاس أفعاله على أفعالنا .
قال المصنف: فمن كان اعتقاده يخالف إجماع المسلمين فهو خارج عن [ ص: 392 ] الإسلام ، فكيف يقبل قوله ؟ !
وقال محمد بن عبد الملك الهمذاني : كان يميل إلى المرد الملاح ويقبلهم . وروى ابن برهان الخطيب عن أبي القاسم التنوخي ، قال: أراد أبي أن يخرجني من عكبرا لأسمع من كتاب المعجم ابن بطة للبغوي ، فجاءه أبو عبد الله بن بكير ، وقال له: لا تفعل؛ فإن لم يسمع المعجم من ابن بطة البغوي وجواب هذا من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن التنوخي كان معتزليا يميل إلى الرفض ، فكيف يقبل قوله في سني .
والثاني: أن هذه الشهادة على نفي؛ فمن أين له أنه لم يسمع ، وإذا قال : سمعت؛ فالإثبات مقدم . ابن بطة
والثالث: من أين له أنه إن كان لم يسمع أنه يرويه؛ فمن الجائز أنه لو مضى إليه قال له: ليس بسماعي وإنما أرويه إجازة ، فما أبله هذا الطاعن بهذا! إنما وجه الطعن أن يقول: قد رواه وليس بسماعه ، قال الخطيب : وحدثني أبو الفضل ابن خيرون قال: رأيت كتاب بمعجم ابن بطة البغوي في نسخة كانت لغيره قد حك سماع وكتب سماعه عليها قال: انظر إلى طعن المحدثين ، أتراه إذا حصلت للإنسان نسخة فحك اسم صاحبها وكتب سماع نفسه وهي سماعه أيوجب هذا طعنا ؟ ! ومن أين له أنه لم يعارض بهذا أصل سماعه ؟ ! ولقد قرأت بخط أبي القاسم ابن الفراء أخي القاضي أبي يعلى ، قال: قابلت أصل بالمعجم ، فرأيت سماعه في كل جزء إلا أني لم أر الجزء الثالث أصلا . ابن بطة
وأخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي ، أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن البسري ، عن قال: كان لأبي أبي عبد الله بن بطة ببغداد شركاء وفيهم رجل يعرف بأبي بكر ، فقال لأبي: ابعث إلى بغداد ابنك ليسمع الحديث ، فقال: ابني صغير ، فقال: أنا أحمله معي ، فحملني إلى بغداد ، فجئت إلى ابن منيع وهو يقرأ عليه الحديث .
فقال لي بعضهم: سل الشيخ يخرج إليك معجمه؛ فسألت ابنه أو ابن بنته ، فقال: إنه يريد دراهم . فأعطيناه ، ثم قرأنا عليه كتاب المعجم في نفر خاص في مدة عشرة أيام أو أقل أو أكثر؛ وذلك في سنة خمس عشرة أو ست عشرة ، وأذكره وقد قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني في سنة أربع وعشرين ومائتين ، فقال المستملي : خذوا هذا قبل أن يولد كل مولود على وجه الأرض . وسمعت المستملي وهو أبو عبد الله بن مهران يقول له: من ذكرت يا ثلث الإسلام ؟ !
قال المصنف: فإذا كان يقول: سمعت المعجم وقد ثبت صدقه وروى [ ص: 393 ] سماعه ، فكيف يدفع هذا بنفي؛ فيقال ما سمع ؟ ! فالقادح بهذا لا يخلو إما أن يكون قليل الدين أو قليل الفهم؛ فيكون ما رأى سماعه في نسخة أو ما رآه حاضرا مع طبقته فينفي عنه السماع . ابن بطة
قال الخطيب : وحدثني عبد الواحد بن برهان ، قال: قال لي محمد بن أبي الفوارس : روى عن ابن بطة البغوي عن مصعب عن عن مالك عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم [ قال ]: أنس . قال طلب العلم فريضة على كل مسلم الخطيب : هذا باطل من حديث ، والحمل فيه على مالك ، ابن بطة
[ قال المصنف ]: وجواب هذا من وجهين:
أحدهما: أن هذا لا يصح عن ، قال شيخنا ابن برهان أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ : شاهدت بخط الشيخ ، وكان الخط بيد الشيخ أبي القاسم بن برهان أبي الكرم النحوي بما حكاه عني أحمد بن ثابت الخطيب من القدح في الشيخ الزاهد لا أصل له ، وهو شيخي ، وعنه أخذت العلم في البداية . أبي عبد الله بن بطة
والثاني: أنه لو صح فقد ذكرنا القدح في ، فيقال حينئذ ابن برهان للخطيب : لم قبلت قول من يعتقد مذهب المعتزلة وأن الكفار لا يخلدون ، فيخرج بذلك إلى الكفر بخرقه الإجماع فيمن شهدت له بالسفر الطويل وطلب العلم ، وحكيت عن العلماء أنه الصالح المجاب الدعوة ، أفلا تستحيي من الله أن تجعل الحمل عليه في حديث ذكره عنه ولا تجعل الحمل على ابن برهان ؟ ! نعوذ بالله من الهوى! ابن برهان
توفي عبد الله بن بطة بعكبرا في محرم هذه السنة .
2934 - علي بن عبد العزيز بن مردك أبو الحسن البرذعي:
حدث عن عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره ، وكان أحد الباعة الكبار ببغداد ، فترك الدنيا ولزم المسجد ، واشتغل بالعبادة ، وأريد على الشهادة فامتنع ، وتوفي في محرم هذه السنة .
2935 - علي بن محمد بن أحمد بن شوكر أبو الحسن المعدل:
سمع البغوي ، ، روى عنه وابن صاعد الخلال والتنوخي ، ، كتب الناس عنه بانتخاب وكان ثقة ، توفي في هذه السنة . [ ص: 394 ] الدارقطني
2936 - علي أبو الحسن ، الملقب فخر الدولة بن أبي علي الملقب ركن الدولة بن بويه:
أقطعه أبوه بلدانا وكان في ملك ، فلما توفي أخوه مؤيد الدولة كتب إليه الصاحب ابن عباد يأمره بالإسراع ، فأسرع وملك مكان أخيه ، واستوزر الصاحب وكان شجاعا ، ولقبه الطائع بفلك الأمة ، وتوفي في شعبان هذه السنة وكانت إمارته ثلاث عشرة سنة وعشرة أشهر وسبعة وعشرين يوما ، وكان عمره ستا وأربعين سنة وخمسة أيام .
وكان حين اشتد مرضه قد أصعد به إلى قلعة ، فبقي فيها أياما يعلل ثم مات ، وكانت الخزائن مغلقة مختومة ، وقد جعلت مفاتيحها في كيس من حديد ، وسمره ، وحصلت عند ولده رستم ، فلم يوجد له في ليلة وفاته ما يكفن فيه ، وتعذر النزول إلى البلد لشدة شغب وقع بين الجند ، فابتيع من قيم الجامع الذي تحت القلعة ثوب ولف فيه ، وكان قد أراح لتشاغل الناس باختلاف الجند فلم يمكنهم لذلك القرب منه ولا مباشرة دفنه؛ فشد بالحبال وجر على درج القلعة من بعد حتى تقطع .
وكان يقول في حياته: قد جمعت من الأموال لولدي ما يكفيهم ويكفي عسكرهم خمس عشرة سنة إذا لم يكن لهم مادة إلا من الحاصل! وكان قد ترك ألفي ألف دينار وثمانمائة ألف وخمسة وسبعين ألفا ومائتين وأربعة وثمانين دينارا ، وكان في خزانته من الجواهر واليواقيت واللؤلؤ والبلخش أربع عشرة ألف وخمسمائة وعشرين قطعة قيمتها ثلاثة آلاف ألف دينار ، ومن أواني الذهب ما وزنه ألف ألف دينار ، ومن أواني الفضة ما وزنه ثلاثة آلاف ألف ، ومن الثياب ثلاثة آلاف حمل ، وخزانة السلاح ألفا حمل ، وخزانة الفرش ألف وخمسمائة حمل .
[ ص: 395 ] خاتمة الناسخ
تم الجزء الرابع عشر بحمد الله وعونه وحسن التوفيق .
يتلوه في الجزء الخامس عشر: ترجمة ابن سمعون الواعظ ،
وكان الفراغ منه في العشر الأخير من ربيع الأول سنة خمس وثمانمائة . أحسن الله نقضها بخير في عافية بمنه وكرمه ، وغفر لكاتبه ، ولمن نظر فيه ولجميع المسلمين .
والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .