ومنهم: أصحاب الأخدود :
قال مؤلف الكتاب: وهم قوم خدت لهم أخاديد ، وأوقدت فيها النيران وألقوا فيها .
واختلف العلماء في سبب ذلك ، فقال قوم: أريدوا على الكفر فلم يفعلوا . [ ص: 154 ]
وقال قوم: إن ملكهم وقع على أخته ، وأخبر الناس بإباحة ذلك فلم يقبلوا .
أخبرنا هبة الله بن محمد قال: أخبرنا الحسين بن علي التميمي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال ، حدثنا قال: حدثني عبد الله بن أحمد أبي قال: أخبرنا عثمان قال: أخبرنا قال: أخبرنا حماد بن سلمة ثابت ، عن ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صهيب
قال: فبينا هو كذلك إذ أتى ذات يوم على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا فقال اليوم أعلم أمر الراهب إلى الله سبحانه أم الساحر ، فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى لك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس ، ورمى بها فقتلها ومضى الناس فأخبر الراهب بذلك ، فقال: أي بني أنت أفضل مني ، وإنك ستبتلى [ فإن ابتليت ] فلا تدل علي .
فكان الغلام يبرئ الأكمه وسائر الأدواء ويشفيهم ، وكان للملك جليس فعمي ، فسمع به ، فأتاه وأتى بهدايا كثيرة ، فقال: اشفني ولك ما هاهنا أجمع ، قال: ما أنا [ ص: 155 ] أشفي أحدا ، إنما يشفي [ الله ] عز وجل ، فإن آمنت به دعوت الله فشفاك ، فآمن فدعا الله [ له ] عز وجل فشفاه ، ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس ، فقال له الملك: يا فلان من رد عليك بصرك ؟ قال: ربي ، قال: أنا ، قال: لا ، ولكن ربي وربك الله قال: أو لك رب غيري قال: نعم ، قال: فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام .
فبعث إليه ، فقال: أي شيء بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص وهذه الأدواء ، قال: ما أنا أشفي أحدا ، ما يشفي إلا الله ، قال: أنا . قال: لا ، قال: أو لك رب غيري ؟ قال: نعم ، ربي وربك الله ، فأخذه أيضا بالعذاب فلم يزل به حتى دل على الراهب ، فأتى الراهب ، فقال: ارجع عن دينك . فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه ، وقال للأعمى: ارجع عن دينك فأبى ، فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه في الأرض .
فقال للغلام: ارجع عن دينك فأبى ، فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا ، وقال لهم: إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه من فوقه ، فذهبوا به ، فلما علوا به الجبل قال: اكفنيهم اللهم بما شئت ، فرجف بهم الجبل فدهدهوا أجمعون ، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال: ما فعل أصحابك ؟ قال: كفانيهم الله عز وجل .
فبعث به مع نفر في قرقور ، وقال: إذا بلغتم أو قال: [ إذا ] لججتم به [ في ] البحر ، فإن رجع عن دينه وإلا فأغرقوه . فلججوا به البحر ، فقال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت . فغرقوا أجمعون ، وجاء الغلام يتلمس [ ص: 156 ] حتى دخل على الملك ، فقال: ما فعل أصحابك ؟ فقال: كفانيهم الله عز وجل .
ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به ، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني ، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي [ قال: وما هو ؟ ] قال: تجمع الناس في صعيد واحد ثم تصلبني على جذع وتأخذ سهما من كنانتي ثم قل: بسم الله رب الغلام ، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ، ففعل ووضع السهم في كبد قوسه ثم رماه ، وقال: بسم الله رب الغلام ، فوقع السهم في صدغه فوضع الغلام يده على صدغه ومات ، فقال الناس: آمنا برب الغلام ، فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر ، فقد والله نزل بك ، قد آمن الناس كلهم .
فأمر بأفواه السكك فخددت فيها الأخاديد وأضرمت فيه النيران ، وقال: من رجع عن دينه فدعوه ، وإلا فأقحموه فيها قال: فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون ، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه ، فكأنها أبقيت ، فتقاعست أن يقع في النار ، فقال الصبي: يا أماه اصبري فإنك على الحق . " كان فيمن كان قبلكم ملك وكان له ساحر ، فلما كبر الساحر قال للملك: إني قد كبر سني ، وحضر أجلي ، فادفع إلي غلاما لأعلمه السحر ، فدفع إليه غلاما وكان يعلمه السحر ، وكان بين الساحر وبين الملك راهب ، فأتى الغلام على الراهب ، فسمع من كلامه ، فأعجبه نحوه وكلامه وكان إذا أتى الساحر ضربه وقال: ما حبسك ؟ فإذا أتى أهله ضربوه وقالوا: ما حبسك ، فشكا ذلك إلى الراهب فقال [ له ]: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل حبسني أهلي ، وإذا أراد أهلك أن يضربوك ، فقل حبسني الساحر .