روى قال: حدثتني أمي أنها [شهدت] عثمان بن أبي العاص آمنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك ليلة ولدته قالت: فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نور ، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى [إني] لأقول: ليقعن علي . ولادة
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال: أخبرنا عاصم بن الحسن قال: أخبرنا أبو [ ص: 248 ] الحسن بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: أخبرنا أبو الحسن بن البراء قال: قالت آمنة ولدته جاثيا على ركبتيه ينظر إلى السماء ، ثم قبض قبضة من الأرض ، وأهوى ساجدا ، وولد وقد قطعت سراره ، فغطين عليه إناء فوجدته قد تفلق الإناء عنه وهو يمص إبهامه يشخب لبنا ، وكان بمكة رجل من اليهود حين ولد ، فلما أصبح قال يا معشر قريش ، هل ولد فيكم الليلة مولود؟ قالوا: لا نعلمه . قال: ولد الليلة نبي العرب ، به شامة بين منكبيه سوداء ظفراء ، فيها شعرات - فرجع القوم فسألوا أهليهم . فقيل:
ولد الليلة لعبد المطلب غلام . فلقوا اليهودي فأخبروه ، فنظر إليه فقال: ذهبت النبوة من بني إسرائيل ، هذا الذي سر أحبارهم ، أفرحتم يا معشر قريش!؟ والله ليسطون بكم سطوة يخرج نبأها من المشرق إلى المغرب .
أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو عمرو بن حيويه أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا . وقال حدثنا عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة ، أيوب ، عن عكرمة .
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ولدته أمه وضعته تحت برمة فانفلقت عنه . قالت: فنظرت إليه فإذا هو قد شق بصره بنظره إلى السماء .
قال ابن سعد : وأخبرنا قال: حدثنا سعيد بن منصور فرج بن فضالة ، عن لقمان بن عامر ، عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" رأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام " . [ ص: 249 ]
قال ابن سعد : وأخبرنا محمد بن عمرو بن واقد قال: حدثني علي بن يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة ، عن أبيه ، عن عمته قالت:
لما ولدت آمنة بنت وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى عبد المطلب ، فجاءه البشير وهو جالس في الحجر معه ولده ورجال من قومه ، فأخبره أن آمنة قد ولدت غلاما فسر بذلك عبد المطلب وقام هو ومن معه فدخل عليها فأخبرته بكل ما رأت ، وما قيل لها وما أمرت به ، فأخذه عبد المطلب فأدخله الكعبة وقام عندها يدعو الله ويشكر ما أعطاه .
قال ابن واقد: أخبرت أن عبد المطلب قال يومئذ :
الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام الطيب الأردان قد ساد في المهد على الغلمان
أعيذه بالبيت ذي الأركان حتى أراه بالغ البنيان
أعيذه من شر ذي شنآن من حاسد مضطرب العنان
ذكر الحوادث التي كانت ليلة ولادته صلى الله عليه وسلم
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن فارس الغوري قال:
أخبرنا أبو الحسين علي بن أحمد بن علي بن أبي قيس قال: أخبرنا قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال حدثنا علي بن حرب يعلى بن عمران البجلي قال: حدثني مخزوم بن هانئ ، عن أبيه وأتت له خمسون ومائة سنة قال: [ ص: 250 ]
لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى ، وسقطت منه أربع عشرة شرفة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها .
فلما أصبح كسرى أفزعه ما رأى ، فتصبر عليه تشجعا ، ثم رأى أن لا يكتم ذلك عن وزرائه ومرازبته ، فلبس تاجه ، وقعد على سريره ، وجمعهم إليه ، فلما اجتمعوا عنده قال: أتدرون فيم بعثت إليكم؟ قالوا: لا إلا أن يخبرنا الملك . [قال المصنف رحمه الله: رأى كسرى ارتجاس الإيوان وسقوط الشرف فحسب لا المنام ، فالمنام للموبذان وهو قاضي قضاتهم] .
فبينا هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النار ، فازداد غما إلى غمه ، فقال الموبذان: وأنا - أصلح الله الملك - قد رأيت في هذه الليلة . وقص عليه الرؤيا في الإبل ، فقال: أي شيء يكون هذا يا موبذان؟ فقال: حادث يكون من عند العرب .
فكتب عند ذلك [إلى النعمان بن المنذر] : من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر ، أما بعد: فوجه إلي رجلا عالما بما أريد أن أسأله عنه .
فوجه إليه عبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني . فلما قدم عليه ، قال له: هل عندك علم بما أريد أن أسألك عنه قال: ليخبرني الملك . قال: فإن [ ص: 251 ] كان عندي منه علم [أخبرته] ، وإلا أخبرته بمن يعلمه ، فأخبره بما رأى ، فقال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام ، يقال له: سطيح . قال: فأته فاسأله عما سألتك عنه وائتني بجوابه .
فركب عبد المسيح راحلته حتى قدم على سطيح ، وقد أشفى على الموت ، فسلم عليه . وحياه ، فلم يخبر سطيح جوابا ، فأنشأ عبد المسيح يقول:
أصم أم يسمع غطريف اليمن [أم فاد فازلم به شأو العنن]
يا فاصل الخطة أعيت من ومن وكاشف الكربة عن وجه غضن
أتاك شيخ الحي من آل سنن وأمه من آل ذئب بن حجن
[أزرق بهم الناب صوار الأذن] أبيض فضفاض الرداء والبدن
رسول قيل العجم يسري بالرسن [لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن]
ثم قضى سطيح مكانه ، فصار عبد المسيح إلى أهله وهو يقول:
شمر فإنك ماضي الهم شمير لا يفزعنك تفريق وتغيير
إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم فإن ذلك أطوار دهارير
فربما ربما أضحوا بمنزلة يهاب صولتها الأسد المهاصير
[ ص: 252 ] منهم أخو الصرح بهرام وإخوته والهرمزان وسابور وسابور
والناس أولاد علات فمن علموا أن قد أقل فمحقور ومهجور
وهم بنو الأم إما إن رأوا نشبا فذاك بالغيب محفوظ ومنصور
والخير والشر مقرونان من قرن والخير متبع والشر محذور
إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا قد كانت أمور ، فملك منهم أربعة عشر ، عشرة في أربع سنين ، وملك الباقون إلى خلافة رضي الله عنه . عثمان بن عفان