ومن الحوادث سنة سبع عشرة من مولده صلى الله عليه وعلى آله وسلم 
قال مؤلفه : خرج في هذه السنة ملك الترك واسمه ، شابة  على هرمز بن  [ ص: 302 ] كسرى ،   حتى صار إلى هراة في ثلاث مائة ألف مقاتل ، وخرج ملك الروم  عليه فصار إلى الضواحي في ثمانين ألف مقاتل . 
وخرج ملك الجزر  في جمع عظيم . 
وخرج رجلان من العرب يقال لأحدهما عباس الأحول  والآخر عمرو الأزرق ،  فنزلا في جمع عظيم من العرب [على] شاطئ الفرات ،  وشنوا الغارة على أهل السواد ، واجترأ أعداء هرمز  عليه ، وغزوا بلاده ، وأرسل شابة  ملك الترك إلى هرمز  يؤذنه بإقباله ، ويقول: رموا القناطر لأجتاز عليها إلى بلادكم ، وافعلوا ذلك في الأنهار التي عليها مسلكي [من بلادكم] إلى بلاد الروم ،  لأني أريد أن أسير من بلادكم إليها . 
فاستعظم هرمز  ما ورد عليه من ذلك ، وشاور فيه ، فأجمع رأيه على القصد إلى ملك الترك ، فوجه إليه رجلا يقال له: بهرام  في اثني عشر ألف رجل ، وعرض هرمز من بحضرته ، فكانوا سبعين ألف مقاتل ، فمضى بهرام  بمن معه معدا حتى جاز هراة ، ونزل بالقرب من ملك الترك وجرت بينهم وسائل وحروب ، فقتل بهرام  شابة  برمية منه واستباح عسكره ، ووجه ابنه أسيرا إلى هرمز مع أموال وجواهر وآنية وأمتعة كانت وقر مائتي ألف وخمسين ألف بعير ، فشكر هرمز بهرام بسبب الغنائم التي صارت إليه ، وخاف بهرام وجنوده سطوة هرمز فخلعوا هرمز وأقبلوا نحو المدائن وأظهروا الامتعاض مما كان من هرمز ، وأن ابنه أبرويز  أصلح للملك منه ، وساعدهم على ذلك جماعة ممن كان بحضرة هرمز ، فهرب أبرويز  بهذا السبب إلى أذربيجان  خوفا من هرمز فاجتمع 
 [ ص: 303 ] 
إليه هناك عدة من المرازبة  والأصبهبذين ،  فأعطوه بيعتهم ، ووثب العظماء والأشراف بالمدائن فخلعوا هرمز وسملوا عينيه وتركوه . 
وبلغ الخبر أبرويز ،  فأقبل بمن شايعه من أذربيجان إلى دار الملك مسابقا لبهرام ، فاستولى على الملك وتحرز من بهرام ، والتقى هو وهو على شاطئ النهروان ،  فجرت بينهما مناظرة ودعا أبرويز  بهرام  إلى أن يؤمنه ، ويرفع مرتبته ، فلم يقبل ذلك ، وجرت بينهما حروب شديدة اضطرت أبرويز  إلى الهرب إلى الروم  مستغيثا بملكها . 
				
						
						
