[ذكر ما جرى في السنة الثانية من الهجرة] 
ثم دخلت سنة اثنتين من الهجرة . فمن الحوادث فيها: 
[زواج  علي بن أبي طالب  بفاطمة  رضي الله عنهما] 
[أن  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه] تزوج فاطمة رضي الله عنها في صفر لليال بقين منه ، وبنى بها في ذي الحجة .   [ ص: 85 ] 
وقد روي أنه تزوجها في رجب بعد مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة  بخمسة أشهر ، وبنى بها [بعد] مرجعه من بدر   . والأول أصح . 
وكانت فاطمة  يوم بنى بها بنت ثمان عشرة سنة ، وأهديت في بردين وعليها دملوجان من فضة ، وكان معها حميلة ومرفقة من أدم حشوها ليف ، ومنخل ، وقدح ، ورحى ، وجرتان . 
أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي  قال: أنبأنا الحسن بن علي الجوهري  قال: أخبرنا  أبو عمر بن حيويه  قال: أخبرنا أحمد بن معروف  قال: أخبرنا الحسين بن الفهم .  
قال: وحدثنا محمد بن سعد  قال: أخبرنا  مسلم بن إبراهيم  قال: أخبرنا المنذر بن ثعلبة  قال: أخبرنا علياء بن أحمر اليشكري:  أن أبا بكر  خطب فاطمة  إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له: "انتظر بها القضاء" فجاء عمر إلى أبي بكر وأخبره ، فقال: لله درك يا أبا بكر . ثم إن أبا بكر قال لعمر: اخطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فخطبها فقال له مثل ما قال لأبي بكر: "انتظر بها القضاء" فجاء إلى أبي بكر فأخبره فقال: لله درك يا عمر . ثم إن أهل علي قالوا لعلي: اخطب فاطمة إلى رسول الله . فقال: بعد أبي بكر وعمر؟! فذكروا له قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخطبها فزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ، فباع علي بعيرا له وبعض متاعه ، فبلغ أربعمائة وثمانين ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعل ثلاثين في الطيب وثلثا في المتاع"  . قال محمد بن سعد:  وأخبرنا  وكيع ،  عن  عباد بن منصور  قال: سمعت عطاء  يقول: خطب  علي  فاطمة ،  فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عليا يذكرك" فسكتت ، فزوجها .  [ ص: 86 ] 
قال: وحدثنا  يزيد بن هارون  قال: أخبرنا  جرير بن حازم  قال: أخبرنا أيوب ،  عن عكرمة .  
أن عليا  خطب فاطمة رضي الله عنهما ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما تصدقها؟" قال: ما عندي ما أصدقها . قال: "فأين درعك الحطمية؟" قال: عندي . قال: "اصدقها إياها وتزوجها"  . 
قال: وأخبرنا مالك بن سعيد النهدي  قال: أخبرنا عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي ،  عن عبد الكريم بن سليط بن بريدة ،  عن أبيه قال: أتى  علي  كرم الله وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه ، فقال: "ما حاجة ابن أبي طالب؟" قال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله محمد . قال: "مرحبا وأهلا" لم يزده عليها . 
فخرج علي على رجال من الأنصار فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي مرحبا وأهلا . قال: يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما ، أعطاك الأهل وأعطاك المرحب . 
فلما كان بعد أن زوجه قال: يا علي إنه لا بد للعروس من وليمة . فقال سعد:  عندي كبشان . وجمع له رهط من الأنصار آصعا من ذرة ، فلما كان ليلة البناء ،  [ ص: 87 ] قال: "لا تحدث شيئا حتى تلقاني" . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء فتوضأ فيه ، ثم أفرغه على [علي] ثم قال: "اللهم بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك لهما في نسلهما"  . قال: وأخبرنا أبو أسامة ،  عن مجالد ،  عن عامر  قال: قال  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه: لقد تزوجت فاطمة  وما لي ولها فراش غير جلد كبش ، ننام عليه بالليل ،  ونعلف عليه الناضح بالنهار ، وما لي ولها خادم غيرها . قال ابن سعد   : وأخبرنا محمد بن عمر ،  قال: وحدثني إبراهيم بن شعيب ،  عن يحيى بن شبل ،  عن أبي جعفر  قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة  نزل على أبي أيوب  ، فلما تزوج [علي] بفاطمة قال لعلي: اطلب منزلا . فطلب علي منزلا فأصابه مستأخرا عن رسول الله قليلا ، فبنى بها فيه ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إليهما فقال: "إني أريد أن أحولك إلي" فقال: يا رسول الله ، فكلم حارثة بن النعمان  أن يتحول عني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " [قد] تحول حارثة عنا حتى قد استحييت [منه] " فبلغ ذلك حارثة فتحول ، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله ، إنه بلغني أنك تحول فاطمة إليك ، وهذه منازلي [وهي أسقب بيوت بني النجار بك] ، وإنما أنا ومالي لله ولرسوله ، والله يا رسول الله [المال] الذي  [ ص: 88 ] تأخذ [مني] أحب إلي من الذي تدع ،  فقال: "صدقت ، بارك الله عليك" فحولها رسول الله إلى بيت حارثة . أخبرنا محمد بن أبي طاهر البزار  قال: أخبرنا  ابن حيويه  قال: حدثنا محمد بن سعد  قال: أخبرنا أحمد بن معروف  قال: أخبرنا الجوهري  قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة  قال: حدثنا محمد بن سعد  قال: أخبرنا علي بن محمد  قال: حدثنا خباب بن موسى العبدي ،  عن جعفر بن محمد ،  عن أبيه قال: قال  علي  رضي الله عنه . 
بتنا ليلة بغير عشاء ، فأصبحت فخرجت ، ثم رجعت إلى فاطمة وهي محزونة ، فقلت: ما لك؟ قالت: لم نتعش البارحة ، ولم نتغد اليوم ، وليس عندنا عشاء ، فخرجت فالتمست فأصبت ما اشتريت طعاما [ولحما] ، ثم أتيتها به ، فخبزت وطحنت ، فلما فرغت من إنضاج القدر  قالت: لو أتيت أبي فدعوته . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع في المسجد وهو يقول: "أعوذ بالله من الجوع ضجيعا" . قلت: بأبي وأمي يا رسول الله ، عندنا طعام ، فهلم . فتوكأ علي حتى دخل والقدر تفور ، فقال:  "اغرفي  لعائشة   " فغرفت في صحفة ، ثم قال: "اغرفي لحفصة" فغرفت في صحفة ، حتى غرفت لجميع نسائه التسع ،  ثم قال: "اغرفي لابنك وزوجك" فغرفت ، ثم رفعت القدر وإنها لتفيض ، فأكلنا ما شاء الله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					