ذكر نزول الملائكة 
قال علماء السير: جاءت يوم بدر  ريح لم يروا مثلها ثم ذهبت ، ثم جاءت ريح أخرى ، فكانت الأولى جبريل  في ألف من الملائكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والثانية ميكائيل  في ألف من الملائكة عن ميمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [والثالثة إسرافيل  في ألف من الملائكة عن ميسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم] . وكان سماء الملائكة عمائم قد أرخوها بين أكتافهم خضر وصفر وحمر من نور ، والصوف في نواصي خيلهم ،  وكانت خيلا بلقاء .  [ ص: 118 ] 
وقاتلت الملائكة يوم بدر  ولم تقاتل في غير ذلك اليوم ،  كانت تحضر ولا تقاتل . 
وقال  ابن عباس   : حدثني رجل من بني غفار ،  قال: أقبلت أنا وابن عم لي حتى أصعدنا الجبل يشرف بنا على بدر ،  ونحن مشركان ، ننتظر [الوقعة] على من تكون الدائرة ، فننهب مع من ينهب . فبينا نحن في الجبل إذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها حمحمة الخيل ، فسمعت قائلا يقول: أقدم حيزوم ، فأما ابن عمي فراع قلبه فمات مكانه ، وأما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت . 
قال ابن حبيب الهاشمي   : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل   : "من القائل [أقدم] حيزوم؟" فقال جبريل   : ما كل أهل السماء أعرف . أخبرنا  ابن الحصين ،  قال: أخبرنا  ابن المذهب ،  قال: أخبرنا أحمد بن جعفر ،  قال: أخبرنا  عبد الله بن أحمد ،  قال: حدثني أبي ، قال: أخبرنا يزيد ،  قال: قال  محمد بن إسحاق ،  حدثني أبي ، عن رجل من بني مازن ،  عن أبي داود ،  وكان شهد بدرا ، قال: 
إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ، فعرفت أن قد قتله غيري . 
وقال أبو أمامة بن سهل بن حنيف ،  قال لي أبي: يا بني لقد رأيتنا يوم بدر وإن أحدنا ليشير بسيفه إلى المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف  . 
وقال عكرمة   : كان يومئذ يبدر رأس الرجل لا يدرى من ضربه ، [وتبدر يد الرجل لا يدرى من ضربه]  .  [ ص: 119 ] 
وقال عطية بن قيس   : لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال بدر ،  جاءه جبريل  عليه السلام على فرس أنثى حمراء عليه درعه ومعه رمحه قد عصم ثنيتيه الغبار ، فقال: يا محمد إن الله تعالى بعثني إليك وأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى ، هل رضيت؟ قال: "نعم قد رضيت" [فانصرف] . 
				
						
						
