ذكر طليحة بن خويلد أخبار
خرج طليحة بعد الأسود فادعى النبوة وتبعه عوام ونزل بسميراء ، وقوي أمره ، فكتب بخبره إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سنان بن أبي سنان ، وبعث طلحة خبالا ابن أخيه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخبره خبره ، ويدعوه إلى الموادعة وتسمى بذي النون ، يقول إن الذي يأتيه يقال له ذو النون ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لرسوله: "قتلك الله" ورده كما جاء ، فقتل خبال في الردة ، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عوف أحد بني نوفل بن ورقاء ، وإلى سنان بن أبي سنان وقضاعا أن يجادلوا طليحة ، وأمرهم أن يستنجدوا رجالا قد سماهم لهم من تميم وقيس ، وأرسل إلى أولئك النفر أن ينجدوهم ، ففعلوا ذلك ولم يشغل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن مسيلمة وطليحة غير مرضه ، وأن جماعة من المسلمين حاربوا طليحة وضربه مخنف ابن السليل يوما بسيف فلم يهلك ، لكنه غشي عليه ، فقال قوم: إن السلاح لا يحيك في طليحة ، فصار ذلك فتنة ، وما زال في نقصان والمسلمون في زيادة إلى أن جاءت وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتناقص أمر المسلمين وانفض جماعة إلى طليحة مع عيينة بن حصن ، وتراجع المسلمون إلى أبي بكر فأخبروه الخبر وهو يسمع ولا يكترث .
وكان من كلام طليحة: إن الله لا يصنع بتعفير وجوهكم ولا بتقبيح أدباركم شيئا ، فاذكروا الله قياما .
ومن كلامه: والحمام واليمام . والصرد الصوام ، قد ضمن من قبلكم أعوام ليبلغن [ ص: 25 ] ملكنا العراق والشام ، والله لا نسحب ولا نزال نضرب حتى نفتح أهل يثرب .
وخرج إلى بزاخة وجاء فنازله ، فجاء خالد بن الوليد عيينة إلى طليحة فقال: ويلك ، جاءك الملك؟ قال: لا فارجع فقاتل فرجع ، فقاتل ، ثم عاد فقال: جاءك الملك؟
قال: لا فعاد فقال: جاءك الملك؟ قال: نعم قال ما قال ، قال: إن لك حديثا لا تنساه ، فصاح عيينة: الرجل والله كذاب ، فانصرف الناس منهزمين ، وهرب طليحة إلى الشام فنزل على كلب فبلغه أن أسدا وغطفان وعامرا قد أسلموا فأسلم .
وخرج نحو مكة معتمرا في إمارة أبي بكر ، فمر بجنبات المدينة ، فقيل لأبي بكر: هذا طليحة ، قال: ما أصنع به خلوا عنه فقد أسلم وقد صح إسلامه وقاتل حتى قتل في نهاوند .