وخطب خطبة بليغة عمر بالجابية
[أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك ، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الباقلاوي ، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان ، قال: حدثنا قال: أخبرنا دعلج ، أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغ ، قال: حدثنا قال: حدثنا سعيد بن منصور ، يعقوب بن عبد الرحمن الزهري ، قال:] حدثنا قال: هذه موسى بن عقبة ، الناس يوم الجابية ، عمر بن الخطاب فقال: خطبة
أما بعد ، فإني أوصيكم بتقوى الله الذي يبقى ويفنى ما سواه ، الذي بطاعته يكرم أولياؤه ، وبمعصيته يضل أعداؤه ، فإنه ليس لهالك هلك معذرة في تعمد ضلالة حسبها هدى ، ولا في ترك حق حسبه ضلالة ، وإن أحق ما تعاهد الراعي من رعيته أن يتعاهدهم بالذي لله عليهم من وظائف دينهم الذي هداهم الله له ، وإنما علينا أن نأمركم بما أمركم الله به من طاعته ، وننهاكم عما نهاكم الله عنه من معصيته ، وأن نقيم فيكم أمر الله عز وجل في قريب الناس وبعيدهم ، ثم ولا نبالي على من مال الحق ، وقد علمت أن أقواما يتمنون في دينهم فيقولون: نحن نصلي مع المصلين ونجاهد مع المجاهدين ، وننتحل الهجرة ، وكل ذلك يفعله أقوام لا يحملونه بحقه ، وإن الإيمان ليس بالتحلي ، وإن للصلاة وقتا اشترطه الله فلا مصلح إلا به ، فوقت صلاة الفجر حين يزايل المرء ليله ، ويحرم على [ ص: 226 ] الصائم طعامه وشرابه . . . فذكر أوقات الصلوات ، قال: ويقول الرجل: قد هاجرت [ولم يهاجر] ، وإن المهاجرين الذين هجروا السيئات ، ويقول أقوام: جاهدنا ، وإن الجهاد في سبيل الله مجاهدة العدو واجتناب الحرام ، فإن الرجل ليقاتل بطبيعته من الشجاعة فيحمي ، فافهموا ما توعظون به ، فإن الجرب من جرب دينه ، وإن السعيد من وعظ بغيره ، وإن الشقي من شقي في بطن أمه ، وإن شر الأمور مبتدعاتها ، وإن الاقتصاد في سنة خير من الاجتهاد في بدعة ، وإن للناس نفرة من سلطانهم ، فعائذ بالله أن تدركني ، فإياكم وضغائن مجبولة وأهواء متبعة ودنيا مؤثرة ، عليكم بهذا القرآن فإن فيه نورا وشفاء ، فقد قضيت الذي علي فيما ولاني الله عز وجل من أموركم ووعظتكم نصحا لكم ، وقد أمرنا لكم بأرزاقكم ، فلا حجة لكم على الله عز وجل ، بل الحجة له عليكم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .