ومن الحوادث أن رضي الله عنه كتب في عام الرمادة إلى أمراء الأمصار يستمدهم عمر
[أخبرنا محمد بن الحسين ، وإسماعيل بن أحمد ، قالا: أخبرنا ابن النقور ، أخبرنا حدثنا المخلص ، أحمد بن عبد الله ، حدثنا السري بن يحيى ، حدثنا شعيب ، حدثنا] سيف ، عن أشياخه ، قالوا: كتب إلى أمراء الأمصار يستغيثهم عمر لأهل المدينة ومن حولها ويستمدهم ، فكان في أربعة آلاف راحلة من طعام ، أبو عبيدة بن الجراح فولاه قسمتها فيمن حول المدينة ، فلما فرغ ورجع إلى المدينة أمر له بأربعة آلاف درهم ، فقال: لا حاجة لي فيها يا أمير المؤمنين ، إنما أردت الله وما قبله ، فلا تدخل علي الدنيا ، [ ص: 252 ] فقال: خذها فلا بأس بذلك إذا لم تطلبه ، فأبى ، فقال: خذها فإني وقد وليت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل هذا فقال لي مثل ما قلت لك ، فقلت له كما قلت لي فأعطاني . فقبل أول من قدم عليه أبو عبيدة وانصرف إلى عمله ، وتتابع الناس واستغنى أهل الحجاز ، وأحيوا مع أول الحيا .
وجاء كتاب إلى عمرو بن العاص : إن البحر الشامي حفر [لمبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] حفيرا ، فصب في بحر العرب ، فسده الروم والقبط ، فإن أحببت أن يقوم سعر الطعام بالمدينة كسعر مصر ، حفرت لهم نهرا وبنيت لهم قناطر ، فكتب [له عمر]: أن افعل ، وعجل ذلك ، فقال له أهل مصر: خراجك زاج ، وأمرك راض ، وإن تم هذا انكسر الخراج ، فكتب إلى عمر بذلك ، فذكر أن فيه انكسار خراج مصر وخرابها . فكتب إليه عمر: اعمل فيه وعجل ، أخرب الله خراج مصر في عمران المدينة وصلاحها ، فعالجه عمرو وهو القلزم ، وكان سعر المدينة كسعر مصر ، ولم يزد مصر ذلك إلا رخاء . عمر
وكان عمر إذا بلغه عن ناحية من نواحي المسلمين غلاء حط نفسه على قدر ما يبلغه ، ويقول: كيف يكونون مني على بال إذا لم يمسسني ما مسهم ، وإنه غلظ على نفسه وأقبل على خبز الشعير فقرقر في بطنه يوما ، فقال: هو ما ترى حتى يحيا أهل مدينة كذا .