وفيها
nindex.php?page=treesubj&link=34037قتل المستورد بن علفة الخارجي
فيما ذكر
هشام بن الكلبي ، وقال قوم : قتل في سنة اثنتين وأربعين .
ذكر سبب قتله
قد ذكرنا اجتماع بقايا
الخوارج الذين كانوا ارتثوا يوم النهر ، واعتمادهم على الثلاثة الذين هذا أحدهم ، ومبايعتهم
المستورد ، وأن ذلك كان في جمادى ، وأنهم اجتمعوا في منزل
حيان بن ظبيان على الخروج في شعبان ، فبلغ خبرهم إلى
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة ، فقال لصاحب الشرطة : سر بالشرطة حتى تحيط بدار
حيان بن ظبيان فأتني به ، فأتاه ومعه نحو من عشرين من أصحابه ، فانطلق به إلى
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة ، فقال لهم : ما حملكم على ما أردتم من شق عصا المسلمين ؟ قالوا : ما أردنا من ذلك من شيء ،
[ ص: 202 ] قال : بل بلغني وصدق ذلك عندي اجتماعكم ، فقالوا : أما اجتماعنا فإن
حيان بن ظبيان أقرأنا للقرآن فنحن نجتمع في منزله فنقرأ القرآن عليه ، قال : اذهبوا بهم إلى السجن ، فلم يزالوا فيه نحوا من سنة .
وسمع إخوانهم بأخذهم ، فخرج
المستورد فنزل دارا بالحيرة ، وكان إخوانه يختلفون إليه ويتجهزون ، فلما كثر اختلاف أصحابه إليه قال : تحولوا بنا عن هذا المكان فإني لا آمن أن يطلع عليكم ، فإنهم لفي ذلك [يقول بعضهم لبعض : نأتي مكان كذا وكذا ، ويقول بعضهم : نأتي مكان كذا وكذا ] ، إذ أشرف عليهم
حجار بن أبجر وإذا بفارسين قد أقبلا فدخلا الدار ، ثم جاء آخر ، ثم جاء آخر ، وكان خروجهم قد اقترب ، فقال
حجار لصاحب الدار : ويحك ما هذه الخيل الذي أراها تدخل هذه الدار ، فقال : لا أدري إلا أن الرجال يختلفون إلى هذه الدار رجالا وفرسانا ، فركب
حجار حتى انتهى إلى بابهم ، وإذا عليه رجل منهم ، فإذا أتى إنسان استأذن ، فقال له : من أنت ؟ قال :
حجار بن أبجر ، فدخل يستأذن له ، فدخل خلفه فإذا الرجل يقول لهم : قد جاء
حجار فقالوا : والله ما جاء لخير ، فقال
حجار : السلام عليكم ثم انصرف ، فقال بعضهم لبعض : أدركوه فاحبسوه فإنه مؤذن بكم ، فخرج منهم جماعة إليه ، فإذا هو قد ركب فرسه ، فقالوا : لم يأت لشيء يروعكم ، قالوا : أفتؤمننا من الإذن بنا ؟ قال : أنتم آمنون ، ثم تفرقوا عن ذلك المكان .
وبلغ خبرهم
المغيرة فحذر الناس أن يؤويهم ، وبعث
المستورد إلى أصحابه اخرجوا ، فاتعدوا سورا ، وخرجوا إليها متقطعين من أربعة وخمسة . فبلغ الخبر المغيرة ، فبعث
معقل بن قيس في ثلاثة آلاف ، وقال له : يا
معقل إني قد بعثت معك فرسان أهل المصر ، ثم أمرت بهم فانتخبوا انتخابا ، فسر إلى هذه العصابة المارقة الذين فارقوا جماعتنا ، وشهدوا علينا بالكفر ، فادعهم إلى التوبة وإلى الدخول في الجماعة ، فإن فعلوا فاقبل منهم ، واكفف عنهم ، وإن لم يفعلوا فناجزهم واستعن بالله عليهم ، فقال له : هل بلغك - أصلحك الله - أين منزل القوم ؟ قال : نعم ، كتب إلي
سماك بن عبيد [ ص: 203 ] القيسي ، وكان عاملا له على
المدائن ، يخبرني أنهم ارتحلوا حتى نزلوا
بهرسير ، وأنهم أرادوا أن يعبروا إلى
المدينة العتيقة التي بها منازل
كسرى ، فمنعهم
سماك أن يجوزوا ، فنزلوا بمدينة
بهرسير مقيمين ، فاخرجوا إليهم ، وانكمش في آثارهم ولا تدعهم والإقامة في بلد أكثر من الساعة التي تدعوهم فيها ، فإن قبلوا وإلا فناهضهم ، فإنهم لن يقيموا ببلد يومين إلا أفسدوا كل من خالطهم ، فخرج من يومه فبات بسورا ، فبعث
المغيرة مولاه
ورادا إلى المسجد فقام فقال : أيها الناس ، إن
معقل قد سار إلى هذه العصبة المارقة وهو بائت الليلة
بسورا ، فلا يتخلف عنه أحد من أصحابه ألا وإن الأمير يخرج على كل رجل من المسلمين ويعزم عليهم أن يبيتوا
بالكوفة ، وأيما رجل من هذا البعث وجدناه بعد يومنا هذا
بالكوفة فقد أحل بنفسه .
قال
عبد الرحمن بن جندب ، [عن
عبد الله بن عقبة ] الغنوي ، [قال ] : كنت فيمن خرج مع
المستورد ، وكنت أحدث رجل منهم ، فخرجنا حتى أتينا
الصراة ، فأقمنا بها حتى تتامت جماعتنا ، ثم خرجنا حتى انتهينا إلى
بهرسير ، فدخلناها ، ونذر بنا
سماك بن عبيد العبسي ، وكان على
المدينة العتيقة ، فلما ذهبنا لنعبر الجسر إليهم قاتلنا عليه ، ثم قطعه علينا ، فأقمنا
ببهرسير . قال : فدعاني
المستورد فقال لي : أتكتب يا ابن أخي ؟ قلت : نعم ، فدعا برق ودواة ، وقال : اكتب : من
عبد الله المستورد أمير المؤمنين إلى
سماك بن عبيد ، أما بعد . فإنا نقمنا على قومنا الجور في الأحكام ، وتعطيل الحدود والاستئثار بالفيء ، وإنا ندعوك إلى كتاب الله ، وسنة نبيه وولاية
أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ، والبراءة من
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان ، لإحداثهما في الدين ، وتركهما حكم الكتاب ، فإن تقبل فقد أدركت رشدك ، وإن لا تقبل فقد أبلغنا في الإعذار إليك ، وقد آذناك بحرب ، ونبذنا إليك على سواء ، إن الله لا يحب الخائنين .
[ ص: 204 ] ثم قال
[المستورد ] : انطلق بهذا الكتاب إلى
سماك ، فادفعه إليه واحفظ ما يقول لك ، والقني .
فقلت له : أصلحك الله ، لو أمرتني أن أستعرض
دجلة فألقي نفسي فيها ما عصيتك ، ولكن ما آمن أن يتعلق بي
سماك فيحبسني عنك ، فإذا أنا قد فاتني ما أرجو من الجهاد . فتبسم وقال : يا ابن أخي ، إنما أنت رسول والرسول لا يعرض له ولو خشيت ذلك عليك لم أبعثك . فخرجت حتى عبرت إليهم في معبر ، فقالوا : من أنت ؟ فقلت : رسول أمير المؤمنين
المستورد ، فلما وصلت إلى
سماك أريته الكتاب ، قال : اذهب إلى صاحبك فقل له : اتق الله وارجع عن رأيك هذا ، وادخل في جماعة المسلمين ، ثم قال لأصحابه : إنهم خلوا بهذا . فأخذوا يقرءون عليه القرآن ، ويتخشعون ويتباكون ، فظن أنهم على شيء ، ثم قال : انطلق يا بني إلى صاحبك ، إنما تندم لو قد اكتنفتكم الخيل ، وأشرعت في صدوركم الرماح ، هناك تمنى أنك كنت في بيت آبائك .
فانصرفت من عنده إلى صاحبي ، فأخبرته ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم .
فمكثنا يومين أو ثلاثة ، فاستبان لهم مسير
معقل بن قيس إلينا ، فجمعنا
المستورد وقال : أشيروا علي ، فقال بعضنا : والله ما خرجنا نريد إلا الله وقد جاءونا فأين نذهب عنهم . وقالت طائفة : بل نعتزل ونتنحى ، وندعو الناس .
فقال : يا معشر المسلمين ، إني والله ما خرجت ألتمس الدنيا ولا البقاء ، وما أحب أنها لي بحذافيرها ، وما أحب إلا التماس الشهادة ، وإني قد نظرت فيما استشرتكم به فرأيت ألا أقيم لهم حتى يقدمون علي وهم جامون ، ولكني رأيت أن أسير حتى
[ ص: 205 ] أمعن فإنهم إذا بلغهم ذلك خرجوا في طلبنا فتقطعوا وتبددوا ، فعلى ذلك الحال ينبغي لنا أن نقاتلهم ، فاخرجوا بنا على اسم الله .
فخرجنا فمضينا على
شاطئ دجلة حتى انتهينا إلى جرجرايا ، فعبرنا
دجلة ، فمضينا كما نحن في أرض جوخى حتى بلغنا
المذار ، فأقمنا .
وقال
عبد الله بن الحارث : كنت في الذين خرجوا مع
معقل حين خرج ، وكان أول منزل نزلناه
سورا .
[قال ] : فمكثنا به يوما حتى اجتمع إليه جل أصحابه ، ثم خرجنا مسرعين مبادرين لعدونا أن يفوتنا ، ثم سرنا حتى دنونا من
المدائن ، فاستقبلنا الناس يخبروننا أنهم قد ارتحلوا ، فشق ذلك علينا وأيقنا بالعناء [وطول الطلب ] .
وجاء
معقل حتى نزل على باب مدينة
بهرسير ، فخرج إليه
سماك فسلم عليه ، وبعث إليه ما يصلح الجند ، فأقام ثلاثا . ثم جمع أصحابه وقال : إن هؤلاء المارقة إنما خرجوا على وجوههم إرادة أن تتعجلوا في آثارهم [فتقطعوا ] وتبددوا ، وإنه ليس شيء يدخل عليكم من ذلك إلا وقد يدخل عليهم مثله ، فخرج بنا من
المدائن ، فقدم بين يديه
أبو الرواغ في ثلاثمائة فارس ، واتبع أثره فلحقهم
أبو الرواغ بالمذار مقيمين ، فاستشار أصحابه في قتالهم قبل قدوم معقل عليه ، فقال بعضهم : أقدم بنا ، وقال آخرون : حتى يأتينا أميرنا ، فبات أصحاب
أبي الرواغ يتحارسون ، فخرج القوم عليهم وهم عدتهم هؤلاء ثلاثمائة ، وهؤلاء ثلاثمائة ، فلما اقتربوا شدوا على أصحاب
أبي الرواغ ، فانهزموا فصاح
أبو الرواغ : يا فرسان السوء ، قبحكم الله ، الكرة الكرة ، فحمل
[ ص: 206 ] وحمل أصحابه ثم انكشفوا ، فقال
أبو الرواغ : ثكلتكم أمهاتكم ، انصرفوا بنا فلنكر قريبا من القوم حتى يأتينا أميرنا ، فما زالوا يطاردونهم وينحاز
أبو الرواغ وأصحابه .
وبلغ الخبر إلى
معقل ، فأسرع في نحو من سبعمائة فارس من أهل القوة والشجاعة ، فلما وصل شدوا عليه ، فانجفل عامة أصحابه فنزل وقال : الأرض الأرض ، ونزل معه
أبو الرواغ ونحو من مائتي فارس ، فلما غشيهم
المستورد وأصحابه استقبلوهم بالرماح والسيوف ، فانجفلت خيل
معقل ثم كرت ، وأقبل
شريك بن الأعور مددا
لمعقل ، فرأى
المستورد ما لا يطيق ، فذهب بأصحابه في الليل ، فعادوا إلى
جرجرايا فتبعهم
أبو الرواغ فقاتلهم قتالا شديدا وظنوا أن
معقلا يأتي بعده ، فذهبوا حتى قطعوا
دجلة ، وسار
أبو الرواغ في آثارهم ، وجاء
معقل متبعا آثار
أبو الرواغ ، فانصرفوا إلى
ساباط ، ثم اقتتلوا ، فهلك
الخوارج ،
nindex.php?page=treesubj&link=33722وصاح المستورد : يا معقل ابرز لي ، فبرز له فأشرع المستورد الرمح في صدر معقل حتى خرج السنان من ظهره ، وضربه
معقل بالسيف على رأسه فخرا ميتين وتبدد من بقي .
وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=34037قُتِلَ الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ عِلَّفَةَ الْخَارِجِيُّ
فِيمَا ذَكَرَ
هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ ، وَقَالَ قَوْمٌ : قُتِلَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ .
ذِكْرُ سَبَبِ قَتْلِهِ
قَدْ ذَكَرْنَا اجْتِمَاعَ بَقَايَا
الْخَوَارِجِ الَّذِينَ كَانُوا ارْتَثُّوا يَوْمَ النَّهْرِ ، وَاعْتِمَادَهُمْ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ هَذَا أَحَدُهُمْ ، وَمُبَايَعَتَهُمُ
الْمُسْتَوْرِدَ ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي جُمَادَى ، وَأَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا فِي مَنْزِلِ
حَيَّانَ بْنِ ظَبْيَانَ عَلَى الْخُرُوجِ فِي شَعْبَانَ ، فَبَلَغَ خَبَرُهُمْ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، فَقَالَ لِصَاحِبِ الشُّرْطَةِ : سِرْ بِالشُّرْطَةِ حَتَّى تُحِيطَ بِدَارِ
حَيَّانَ بْنِ ظَبْيَانَ فَأْتِنِي بِهِ ، فَأَتَاهُ وَمَعَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، فَقَالَ لَهُمْ : مَا حَمَلَكُمْ عَلَى مَا أَرَدْتُمْ مِنْ شَقِّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ ؟ قَالُوا : مَا أَرَدْنَا مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ ،
[ ص: 202 ] قَالَ : بَلْ بَلَغَنِي وَصَدَقَ ذَلِكَ عِنْدِي اجْتِمَاعُكُمْ ، فَقَالُوا : أَمَّا اجْتِمَاعُنَا فَإِنَّ
حَيَّانَ بْنَ ظَبْيَانَ أَقْرَأَنَا لِلْقُرْآنِ فَنَحْنُ نَجْتَمِعُ فِي مَنْزِلِهِ فَنَقْرَأُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ ، قَالَ : اذْهَبُوا بِهِمْ إِلَى السِّجْنِ ، فَلَمْ يَزَالُوا فِيهِ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ .
وَسَمِعُ إِخْوَانُهُمْ بِأَخْذِهِمْ ، فَخَرَجَ
الْمُسْتَوْرِدُ فَنَزَلَ دَارًا بِالْحَيْرَةِ ، وَكَانَ إِخْوَانُهُ يَخْتَلِفُونَ إِلَيْهِ وَيَتَجَهَّزُونَ ، فَلَمَّا كَثُرَ اخْتِلَافُ أَصْحَابِهِ إِلَيْهِ قَالَ : تَحَوَّلُوا بِنَا عَنْ هَذَا الْمَكَانِ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يُطَّلَعَ عَلَيْكُمْ ، فَإِنَّهُمْ لَفِي ذَلِكَ [يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : نَأْتِي مَكَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ : نَأْتِي مَكَانَ كَذَا وَكَذَا ] ، إِذْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ
حَجَّارُ بْنُ أَبْجَرَ وَإِذَا بِفَارِسَيْنِ قَدْ أَقْبَلَا فَدَخَلَا الدَّارَ ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، وَكَانَ خُرُوجُهُمْ قَدِ اقْتَرَبَ ، فَقَالَ
حَجَّارٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ : وَيْحَكَ مَا هَذِهِ الْخَيْلُ الَّذِي أَرَاهَا تَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ ، فَقَالَ : لَا أَدْرِي إِلَّا أَنَّ الرِّجَالَ يَخْتَلِفُونَ إِلَى هَذِهِ الدَّارِ رِجَالًا وَفُرْسَانًا ، فَرَكِبَ
حَجَّارٌ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِهِمْ ، وَإِذَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَى إِنْسَانٌ اسْتَأْذَنَ ، فَقَالَ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ :
حَجَّارُ بْنُ أَبْجَرَ ، فَدَخَلَ يَسْتَأْذِنُ لَهُ ، فَدَخَلَ خَلْفَهُ فَإِذَا الرَّجُلُ يَقُولُ لَهُمْ : قَدْ جَاءَ
حَجَّارٌ فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا جَاءَ لِخَيْرٍ ، فَقَالَ
حَجَّارٌ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَدْرِكُوهُ فَاحْبِسُوهُ فَإِنَّهُ مُؤْذِنٌ بِكُمْ ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ إِلَيْهِ ، فَإِذَا هُوَ قَدْ رَكِبَ فَرَسَهُ ، فَقَالُوا : لَمْ يَأْتِ لِشَيْءٍ يُرَوِّعُكُمْ ، قَالُوا : أَفَتُؤَمِّنُنَا مِنَ الْإِذْنِ بِنَا ؟ قَالَ : أَنْتُمْ آمِنُونَ ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ .
وَبَلَغَ خَبَرُهُمُ
الْمُغِيرَةَ فَحَذَّرَ النَّاسَ أَنْ يُؤْوِيَهُمْ ، وَبَعَثَ
الْمُسْتَوْرِدُ إِلَى أَصْحَابِهِ اخْرُجُوا ، فَاتَّعَدُوا سُورًا ، وَخَرَجُوا إِلَيْهَا مُتَقَطِّعِينَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسَةٍ . فَبَلَغَ الْخَبَرُ الْمُغِيرَةَ ، فَبَعَثَ
مَعْقِلَ بْنَ قَيْسٍ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ ، وَقَالَ لَهُ : يَا
مَعْقِلُ إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ مَعَكَ فُرْسَانَ أَهْلِ الْمِصْرِ ، ثُمَّ أَمَرْتُ بِهِمْ فَانْتَخِبُوا انْتِخَابًا ، فَسِرْ إِلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ الْمَارِقَةِ الَّذِينَ فَارَقُوا جَمَاعَتَنَا ، وَشَهِدُوا عَلَيْنَا بِالْكُفْرِ ، فَادْعُهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَإِلَى الدُّخُولِ فِي الْجَمَاعَةِ ، فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ ، وَاكْفُفْ عَنْهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَنَاجِزْهُمْ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ لَهُ : هَلْ بَلَغَكَ - أَصْلَحَكَ اللَّهُ - أَيْنَ مَنْزِلُ الْقَوْمِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، كَتَبَ إِلَيَّ
سِمَاكُ بْنُ عُبَيْدٍ [ ص: 203 ] الْقَيْسِيُّ ، وَكَانَ عَامِلًا لَهُ عَلَى
الْمَدَائِنِ ، يُخْبِرُنِي أَنَّهُمُ ارْتَحَلُوا حَتَّى نَزَلُوا
بَهُرْسِيرَ ، وَأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَعْبُرُوا إِلَى
الْمَدِينَةِ الْعَتِيقَةِ الَّتِي بِهَا مَنَازِلُ
كِسْرَى ، فَمَنَعَهُمْ
سِمَاكٌ أَنْ يَجُوزُوا ، فَنَزَلُوا بِمَدِينَةِ
بَهُرْسِيرَ مُقِيمِينَ ، فَاخْرُجُوا إِلَيْهِمْ ، وَانْكَمِشْ فِي آثَارِهِمْ وَلَا تَدَعْهُمْ وَالْإِقَامَةَ فِي بَلَدٍ أَكْثَرَ مِنَ السَّاعَةِ الَّتِي تَدْعُوهُمْ فِيهَا ، فَإِنْ قَبِلُوا وَإِلَّا فَنَاهِضْهُمْ ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يُقِيمُوا بِبَلَدٍ يَوْمَيْنِ إِلَّا أَفْسَدُوا كُلَّ مَنْ خَالَطَهُمْ ، فَخَرَجَ مِنْ يَوْمِهِ فَبَاتَ بِسُورَا ، فَبَعَثَ
الْمُغِيرَةُ مَوْلَاهُ
وَرِادًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَامَ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ
مَعْقِلَ قَدْ سَارَ إِلَى هَذِهِ الْعُصْبَةِ الْمَارِقَةِ وَهُوَ بَائِتٌ اللَّيْلَةَ
بِسُورَا ، فَلَا يَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَلَا وَإِنَّ الْأَمِيرَ يَخْرُجُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيَعْزِمُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَبِيتُوا
بِالْكُوفَةِ ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ هَذَا الْبَعْثِ وَجَدْنَاهُ بَعْدَ يَوْمِنَا هَذَا
بِالْكُوفَةِ فَقَدْ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ .
قَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُنْدُبٍ ، [عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُقْبَةَ ] الْغَنَوِيِّ ، [قَالَ ] : كُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ
الْمُسْتَوْرِدِ ، وَكُنْتُ أَحْدَثَ رَجُلٍ مِنْهُمْ ، فَخَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا
الصَّرَاةَ ، فَأَقَمْنَا بِهَا حَتَّى تَتَامَّتْ جَمَاعَتُنَا ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى
بَهُرْسِيرَ ، فَدَخَلْنَاهَا ، وَنَذَرَ بِنَا
سِمَاكُ بْنُ عُبَيْدٍ الْعَبْسِيُّ ، وَكَانَ عَلَى
الْمَدِينَةِ الْعَتِيقَةِ ، فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَعْبُرَ الْجِسْرَ إِلَيْهِمْ قَاتَلَنَا عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَطَعَهُ عَلَيْنَا ، فَأَقَمْنَا
بِبَهُرْسِيرَ . قَالَ : فَدَعَانِي
الْمُسْتَوْرِدُ فَقَالَ لِي : أَتَكْتُبُ يَا ابْنَ أَخِي ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَدَعَا بَرِقٍّ وَدَوَاةٍ ، وَقَالَ : اكْتُبْ : مِنْ
عَبْدِ اللَّهِ الْمُسْتَوْرِدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى
سِمَاكِ بْنِ عُبَيْدٍ ، أَمَّا بَعْدُ . فَإِنَّا نَقَمْنَا عَلَى قَوْمِنَا الْجَوْرَ فِي الْأَحْكَامِ ، وَتَعْطِيلَ الْحُدُودِ وَالِاسْتِئْثَارَ بِالْفَيْءِ ، وَإِنَّا نَدْعُوكَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَوِلَايَةِ
أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ ، لِإِحْدَاثِهِمَا فِي الدِّينِ ، وَتَرْكِهِمَا حُكْمَ الْكِتَابِ ، فَإِنْ تَقْبَلْ فَقَدْ أَدْرَكْتَ رُشْدَكَ ، وَإِنْ لَا تَقْبَلْ فَقَدْ أَبْلَغْنَا فِي الْإِعْذَارِ إِلَيْكَ ، وَقَدْ آذَنَّاكَ بِحَرْبٍ ، وَنَبَذْنَا إِلَيْكَ عَلَى سَوَاءٍ ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ .
[ ص: 204 ] ثُمَّ قَالَ
[الْمُسْتَوْرِدُ ] : انْطَلِقْ بِهَذَا الْكِتَابِ إِلَى
سِمَاكٍ ، فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ وَاحْفَظْ مَا يَقُولُ لَكَ ، وَالْقَنِي .
فَقُلْتُ لَهُ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ ، لَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَسْتَعْرِضَ
دِجْلَةَ فَأُلْقِيَ نَفْسِي فِيهَا مَا عَصَيْتُكَ ، وَلَكِنْ مَا آمَنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِي
سِمَاكٌ فَيَحْبِسَنِي عَنْكَ ، فَإِذَا أَنَا قَدْ فَاتَنِي مَا أَرْجُو مِنَ الْجِهَادِ . فَتَبَسَّمَ وَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ، إِنَّمَا أَنْتَ رَسُولٌ وَالرَّسُولُ لَا يُعْرَضُ لَهُ وَلَوْ خَشِيتُ ذَلِكَ عَلَيْكَ لَمْ أَبْعَثْكَ . فَخَرَجْتُ حَتَّى عَبَرْتُ إِلَيْهِمْ فِي مَعْبَرٍ ، فَقَالُوا : مَنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ : رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
الْمُسْتَوْرِدِ ، فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَى
سِمَاكٍ أَرَيْتُهُ الْكِتَابَ ، قَالَ : اذْهَبْ إِلَى صَاحِبِكَ فَقُلْ لَهُ : اتَّقِ اللَّهَ وَارْجِعْ عَنْ رَأْيِكَ هَذَا ، وَادْخُلْ فِي جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : إِنَّهُمْ خَلَوْا بِهَذَا . فَأَخَذُوا يَقْرَءُونَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ ، وَيَتَخَشَّعُونَ وَيَتَبَاكُونَ ، فَظَنَّ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ ، ثُمَّ قَالَ : انْطَلِقْ يَا بُنَيَّ إِلَى صَاحِبِكَ ، إِنَّمَا تَنْدَمُ لَوْ قَدِ اكْتَنَفَتْكُمُ الْخَيْلُ ، وَأَشْرَعَتْ فِي صُدُورِكُمُ الرِّمَاحُ ، هُنَاكَ تَمَنَّى أَنَّكَ كُنْتَ فِي بَيْتِ آبَائِكَ .
فَانْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى صَاحِبِي ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
فَمَكَثْنَا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ، فَاسْتَبَانَ لَهُمْ مَسِيرُ
مَعْقِلِ بْنِ قَيْسٍ إِلَيْنَا ، فَجَمَعَنَا
الْمُسْتَوْرِدُ وَقَالَ : أَشِيرُوا عَلَيَّ ، فَقَالَ بَعْضُنَا : وَاللَّهِ مَا خَرَجْنَا نُرِيدُ إِلَّا اللَّهَ وَقَدْ جَاءُونَا فَأَيْنَ نَذْهَبُ عَنْهُمْ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : بَلْ نَعْتَزِلُ وَنَتَنَحَّى ، وَنَدْعُو النَّاسَ .
فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ أَلْتَمِسُ الدُّنْيَا وَلَا الْبَقَاءَ ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لِي بِحَذَافِيرِهَا ، وَمَا أُحِبُّ إِلَّا الْتِمَاسَ الشَّهَادَةِ ، وَإِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِيمَا اسْتَشَرْتُكُمْ بِهِ فَرَأَيْتُ أَلَّا أُقِيمَ لَهُمْ حَتَّى يَقْدَمُونَ عَلَيَّ وَهُمْ جَامُّونَ ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَسِيرَ حَتَّى
[ ص: 205 ] أُمْعِنَ فَإِنَّهُمْ إِذَا بَلَغَهُمْ ذَلِكَ خَرَجُوا فِي طَلَبِنَا فَتَقَطَّعُوا وَتَبَدَّدُوا ، فَعَلَى ذَلِكَ الْحَالِ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُقَاتِلَهُمْ ، فَاخْرُجُوا بِنَا عَلَى اسْمِ اللَّهِ .
فَخَرَجْنَا فَمَضَيْنَا عَلَى
شَاطِئِ دِجْلَةَ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى جَرْجَرَايَا ، فَعَبَرْنَا
دِجْلَةَ ، فَمَضَيْنَا كَمَا نَحْنُ فِي أَرْضٍ جُوخَى حَتَّى بَلَغْنَا
الْمَذَارَ ، فَأَقَمْنَا .
وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ : كُنْتُ فِي الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ
مَعْقِلٍ حِينَ خَرَجَ ، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ نَزَلْنَاهُ
سُورَا .
[قَالَ ] : فَمَكَثْنَا بِهِ يَوْمًا حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُلُّ أَصْحَابِهِ ، ثُمَّ خَرَجْنَا مُسْرِعِينَ مُبَادِرِينَ لِعَدُوِّنَا أَنْ يَفُوتَنَا ، ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى دَنَوْنَا مِنَ
الْمَدَائِنِ ، فَاسْتَقْبَلَنَا النَّاسُ يُخْبِرُونَنَا أَنَّهُمْ قَدِ ارْتَحَلُوا ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَأَيْقَنَّا بِالْعَنَاءِ [وَطُولِ الطَّلَبِ ] .
وَجَاءَ
مَعْقِلٌ حَتَّى نَزَلَ عَلَى بَابِ مَدِينَةِ
بَهُرْسِيرَ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ
سِمَاكٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ مَا يُصْلِحُ الْجُنْدَ ، فَأَقَامَ ثَلَاثًا . ثُمَّ جَمَعَ أَصْحَابَهُ وَقَالَ : إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمَارِقَةَ إِنَّمَا خَرَجُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ إِرَادَةَ أَنْ تَتَعَجَّلُوا فِي آثَارِهِمْ [فَتَقَطَّعُوا ] وَتَبَدَّدُوا ، وَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا وَقَدْ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ مِثْلُهُ ، فَخَرَجَ بِنَا مِنَ
الْمَدَائِنِ ، فَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ
أَبُو الرَّوَاغِ فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ ، وَاتَّبَعَ أَثَرَهُ فَلَحِقَهُمْ
أَبُو الرَّوَاغِ بِالْمَذَارِ مُقِيمِينَ ، فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فِي قِتَالِهِمْ قَبْلَ قُدُومِ مَعْقِلٍ عَلَيْهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَقْدِمْ بِنَا ، وَقَالَ آخَرُونَ : حَتَّى يَأْتِيَنَا أَمِيرُنَا ، فَبَاتَ أَصْحَابُ
أَبِي الرَّوَاغِ يَتَحَارَسُونَ ، فَخَرَجَ الْقَوْمُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ عُدَّتُهُمْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثُمِائَةٍ ، وَهَؤُلَاءِ ثَلَاثُمِائَةٍ ، فَلَمَّا اقْتَرَبُوا شَدُّوا عَلَى أَصْحَابِ
أَبِي الرَّوَاغِ ، فَانْهَزَمُوا فَصَاحَ
أَبُو الرَّوَاغِ : يَا فُرْسَانَ السُّوءِ ، قَبَّحَكُمُ اللَّهُ ، الْكَرَّةَ الْكَرَّةَ ، فَحَمَلَ
[ ص: 206 ] وَحَمَلَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ انْكَشَفُوا ، فَقَالَ
أَبُو الرَّوَاغِ : ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ، انْصَرِفُوا بِنَا فَلْنُكِرَّ قَرِيبًا مِنَ الْقَوْمِ حَتَّى يَأْتِيَنَا أَمِيرُنَا ، فَمَا زَالُوا يُطَارِدُونَهُمْ وَيَنْحَازُ
أَبُو الرَّوَاغِ وَأَصْحَابُهُ .
وَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى
مَعْقِلٍ ، فَأَسْرَعَ فِي نَحْوٍ مِنْ سَبْعِمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَهْلِ الْقُوَّةِ وَالشَّجَاعَةِ ، فَلَمَّا وَصَلَ شَدُّوا عَلَيْهِ ، فَانْجَفَلَ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ فَنَزَلَ وَقَالَ : الْأَرْضَ الْأَرْضَ ، وَنَزَلَ مَعَهُ
أَبُو الرَّوَاغِ وَنَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْ فَارِسٍ ، فَلَمَّا غَشِيَهُمُ
الْمُسْتَوْرِدُ وَأَصْحَابُهُ اسْتَقْبَلُوهُمْ بِالرِّمَاحِ وَالسُّيُوفِ ، فَانْجَفَلَتْ خَيْلُ
مَعْقِلٍ ثُمَّ كَرَّتْ ، وَأَقْبَلَ
شُرَيْكُ بْنُ الْأَعْوَرِ مَدَدًا
لِمَعْقِلٍ ، فَرَأَى
الْمُسْتَوْرِدُ مَا لَا يُطِيقُ ، فَذَهَبَ بِأَصْحَابِهِ فِي اللَّيْلِ ، فَعَادُوا إِلَى
جَرْجَرَايَا فَتَبِعَهُمْ
أَبُو الرَّوَاغِ فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا وَظَنُّوا أَنَّ
مَعْقِلًا يَأْتِي بَعْدَهُ ، فَذَهَبُوا حَتَّى قَطَعُوا
دِجْلَةَ ، وَسَارَ
أَبُو الرَّوَاغِ فِي آثَارِهِمْ ، وَجَاءَ
مَعْقِلٌ مُتَّبِعًا آثَارَ
أَبُو الرَّوَاغِ ، فَانْصَرَفُوا إِلَى
سَابَاطَ ، ثُمَّ اقْتَتَلُوا ، فَهَلَكَ
الْخَوَارِجُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=33722وَصَاحَ الْمُسْتَوْرِدُ : يَا مَعْقِلُ ابْرُزْ لِي ، فَبَرَزَ لَهُ فَأَشْرَعَ الْمُسْتَوْرِدُ الرُّمْحَ فِي صَدْرِ مَعْقِلٍ حَتَّى خَرَجَ السِّنَانِ مِنْ ظَهْرِهِ ، وَضَرَبَهُ
مَعْقِلٌ بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ فَخَرَّا مَيِّتَيْنِ وَتَبَدَّدَ مَنْ بَقِيَ .