ثم دخلت سنة إحدى وخمسين
فمن الحوادث فيها
مشتى فضالة بن عبيد بأرض الروم ، الصائفة بسر بن أبي أرطأة . وغزاة
وفيها : حجر بن عدي . مقتل
وسببه : أن لما ولى معاوية بن أبي سفيان المغيرة بن شعبة الكوفة فقال له : قد أردت أن أوصيك بأشياء كثيرة ، فأنا تاركها اعتمادا على بصرك بما يرضيني ويسدد سلطاني ، فأقام المغيرة على الكوفة عاملا سبع سنين وأشهرا وهو حسن السيرة ، إلا أنه لم يدع الدعاء لمعاوية والوقيعة في لعثمان رضي الله عنه ، وكان علي إذا سمع ذلك قال : أنا أشهد أن من تعيبون لأحق بالفضل وأن من تزكون لأولى بالذم ، فيقول له حجر بن عدي المغيرة : ويحك اتق غضب السلطان وسطوته ، فقام المغيرة يوما فأثنى على عثمان ، فصاح به حجر : إنك قد حبست أرزاقنا وأصبحت مولعا بتقريظ المجرمين ، وقام معه أكثر من ثلاثين يقولون : صدق حجر ، فمر لنا بأعطياتنا ، فنزل المغيرة ودخل عليه قومه فقالوا : علام تترك هذا الرجل يجترئ في سلطانك ، ولو بلغ كان أسخط له عليك ، فقال لهم معاوية المغيرة : إني قد قتلته ، إنه سيأتي أمير بعدي فيحسبه مثلي فيصنع به شبيها بما ترونه يصنع بي ، فيأخذه عند أول وهلة فيقتله شر قتلة ،
[ ص: 242 ] إنه قد اقترب أجلي ، ولا أحب أن أبتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم ، فيسعدوا بذلك وأشقى ، ويعز في الدنيا ويذل يوم القيامة معاوية المغيرة ، ولكني قابل من محسنهم ، وعاف عن مسيئهم ، وواعظ شقيهم حتى يفرق بيني وبينهم الموت ، وسيذكروني ، ولو قد جربوا العمال بعدي .
فلما هلك المغيرة وولي قام فذكر زياد بن أبي سفيان عثمان وأصحابه فقرظهم وذكر قتلتهم ولعنهم ، فقام حجر ففعل مثل الذي كان يفعل بالمغيرة ، فقال : ويل أمك يا حجر ، "سقط بك العشاء على سرحان " .
وفي رواية أخرى : أن زيادا خطب فأطال الخطبة وأخر الصلاة ، فقال له : الصلاة فمضى في خطبته ، ثم قال : الصلاة ، فلما خشي الفوت ضرب بيده إلى كف من الحصا ، وثار إلى الصلاة ، وثار الناس معه ، فنزل حجر بن عدي زياد فصلى بالناس ، ثم كتب إلى في أمره ، فاستشهد عليه جماعة من أهل مصره ، منهم معاوية أبو بردة بن أبي موسى أنه خلع الطاعة ودعا إلى الفتنة .
فكتب إليه أن شده في الحديد ثم احمله إلي فبعثه إليه مع جماعة ممن يرى رأيه ، فاستوهب بعضهم وبقي بعضهم ، فقيل لهم تبرءوا من علي حتى يطلقكم ، فلم يفعلوا . معاوية
فلما دخل حجر على قال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال له معاوية : لا والله لا أقيلك ولا أستقيلك ، أخرجوه فاضربوا عنقه ، فأخرج ، فقال : دعوني أصلي ركعتين ، فصلاهما ، ثم قال لمن حضره من أهله : لا تطلقوا عني حديدا ، ولا تغسلوا عني دما ، فإني ألاقي معاوية غدا على الجادة . ثم قدم فضربت عنقه ، وقتل معه جماعة من أصحابه ممن يرى رأيه . معاوية
ولما لقيت أم المؤمنين عائشة قالت : يا معاوية ، أين كان حلمك عن [ ص: 243 ] معاوية حجر ، فقال لها : يا أم المؤمنين ، لم يحضرني رشيد .
قال : فبلغنا أنه لما حضرته الوفاة جعل يغرغر بالموت ويقول : يومي منك يا ابن سيرين حجر يوم طويل .
وروى قال : قال أبو جعفر الطبري أبو مخنف عن الصعقب بن زهير ، عن الحسن قال : أربع خصال كن في ، لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة : ابتز هذه الأمة أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا من الصحابة وذوي الفضل . واستخلف ابنه بعده سكيرا جهيرا ، يلبس الحرير ويضرب بالطنابير ، وادعى معاوية زيادا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ، وقتل "الولد للفراش وللعاهر الحجر حجرا فيا ويلا له من حجر وأصحابه .