وكان السبب في توجيهه وفي هذه السنة وجه عبد الملك الحجاج بن يوسف إلى مكة لقتال ابن الزبير ، الحجاج دون غيره ، أن عبد الملك لما أراد الرجوع إلى الشام قام إليه فقال: يا أمير المؤمنين ، إني رأيت في منامي أني أخذت الحجاج بن يوسف فسلخته ، فابعثني إليه وولني قتاله . فبعثه فخرج في ألفين من أهل عبد الله بن الزبير الشام في جمادى سنة اثنتين وسبعين فلم يعرض للمدينة ، فسار حتى نزل الطائف ، فكان قدومه الطائف في شعبان ، وقد كتب عبد الملك لأهل مكة الأمان إن دخلوا في طاعته ، وكان الحجاج يبعث البعوث إلى عرفة في الخيل ، ويبعث بعثا فيقتتلون هناك ، وفي كل ذلك تهزم خيل ابن الزبير ويرجع ابن الزبير الحجاج بالظفر .
ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه في حصار ودخول الحرم عليه ، ويخبره أن شوكته قد قلت ، وقد تفرق عنه عامة أصحابه ويسأله أن يمده برجال . ابن الزبير
فكتب عبد الملك إلى طارق بن عمرو يأمره أن يلحق بمن معه من الجند [ ص: 120 ] بالحجاج ، فسار في خمسة آلاف من أصحابه حتى لحق بالحجاج ، فلما دخل شهر ذي القعدة رحل الحجاج من الطائف حتى نزل بئر ميمون ، وحصر لهلال ذي القعدة . وكان قدوم طارق ابن الزبير مكة لهلال ذي الحجة ، ولم يطف بالبيت ولم يصل إليه وهو محرم ، وكان يلبس الحجاج السلاح ، ولا يقرب النساء ولا الطيب ، إلى أن قتل ابن الزبير .
ونحر بدنا ابن الزبير بمكة يوم النحر ، ولم يحج ذلك العام ولا أصحابه؛ لأنهم لم يقفوا بعرفة ، ونحر أصحاب الحجاج وطارق فيما بين الحجون إلى بئر ميمون .
وحج الحجاج بالناس ولم يطف بالبيت ، وكان العامل على المدينة طارقا مولى عثمان من قبل عبد الملك ، وعلى الكوفة وعلى قضائها بشر بن مروان ، عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وعلى البصرة خالد بن عبد الله ، وعلى قضائها هشام بن هبيرة .