وأخرج عن قال: (وفدت على خالد بن صفوان فقال: هات يا هشام بن عبد الملك بن صفوان، قلت: إن ملكا من الملوك خرج متنزها إلى الخورنق، وكان ذا علم مع الكثرة والغلبة، فنظر وقال لجلسائه: لمن هذا؟ قالوا: للملك.
قال: فهل رأيتم أحدا أعطي مثل ما أعطيت؟ وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة، فقال: إنك قد سألت عن أمر، فتأذن لي بالجواب؟ قال: نعم.
قال: أرأيت ما أنت فيه، أشيء لم تزل فيه، أم شيء صار إليك ميراثا وهو زائل عنك إلى غيرك كما صار إليك؟ قال: كذا هو.
قال: فتعجب بشيء يسير لا تكون فيه إلا قليلا، وتنقل عنه طويلا، فيكون عليك حسابا؟!
قال: ويحك!! فأين المهرب؟ وأين المطلب؟ وأخذته قشعريرة، قال: إما أن تقيم في ملكك فتعمل بطاعة الله تعالى على ما ساءك وسرك، وإما أن تنخلع [ ص: 404 ] من ملكك وتضع تاجك، وتلقي عنك أطمارك وتعبد ربك؟
قال: إني مفكر الليلة وأوافيك السحر، فلما كان السحر... قرع عليه بابه، فقال: إني اخترت هذا الجبل وفلوات الأرض، وقد لبست على أمساحي، فإن كنت لي رفيقا... لا تخالف، فلزما الجبل حتى ماتا.
وفيه يقول عدي بن زيد بن الحمار:
أيها الشامت المعير بالدهـ ـر أأنت المبرأ الموفور؟ أم لديك العهد الوثيق من الـ
أيام؟ بل أنت جاهل مغرور من رأيت المنون خلدن أم من
ذا عليه من أن يضام خفير؟ أين كسرى كسرى الملوك أبو سا
سان أم أين قبله سابور؟ وبنو الأصفر الكرام ملوك الر
وم، لم يبق منهم مذكور وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجـ
ـلة تجبى إليه والخابور شاده مرمرا وجلله كلـ
ـسا فللطير في ذراه وكور لم تهبه ريب المنون، فباد المـ
ـلك عنه، فبابه مهجور وتذكر رب الخورنق إذ أشـ
ـرف يوما، وللهدى تذكير سره ماله، وكثرة ما يمـ
ـلك والبحر معرض والسدير فارعوى قلبه، وقال وما غبـ
ـطة حي إلى الممات يصير؟ ثم بعد الفلاح والملك والأمـ
ـة وارتهم هناك القبور ثم صاروا كأنهم ورق جـ
ـف فألوت به الصبا والدبور