[126 هـ] خلافة يزيد الناقص
أبو خالد ابن الوليد بن عبد الملك، لقب بالناقص، لكونه نقص الجند من أعطياتهم، وثب على الخلافة، وقتل ابن عمه الوليد وتملك.
وأمه: شاهفرند بنت فيروز بن يزدجرد، وأم فيروز: بنت شيرويه بن كسرى، وأم شيرويه: بنت خاقان ملك الترك، وأم أم فيروز: بنت قيصر عظيم الروم؛ فلهذا قال يزيد يفتخر:
أنا ابن كسرى وأبي مروان وقيصر جدي وجدي خاقان
قال (هو أعرق الناس في الملك والخلافة من كلا طرفيه). الثعالبي:ولما قتل يزيد الوليد ... قام خطيبا، فقال: (أما بعد، إني والله ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا حرصا على الدنيا، ولا رغبة في الملك، وإني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربي، ولكن خرجت غضبا لله ولدينه، وداعيا إلى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، حين درست معالم الهدى، وطفئ نور أهل التقوى، وظهر الجبار المستحل للحرمة، والراكب البدعة، فلما رأيت ذلك... أشفقت إذ غشيتكم ظلمة لا تقلع عنكم على كثرة من ذنوبكم، وقسوة من قلوبكم، وأشفقت أن يدعو كثيرا من الناس إلى ما هو عليه فيجيبه، فاستخرت الله في أمري، ودعوت من أجابني من أهلي وأهل ولايتي، فأراح الله منه البلاد والعباد ولاية من الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[ ص: 409 ] أيها الناس؛ إن لكم عندي إن وليت أموركم... ألا أضع لبنة على لبنة، ولا حجرا على حجر، ولا أنقل مالا من بلد حتى أسد ثغره، وأقسم بين مصالحه ما تقوون به؛ فإن فضل فضل.. رددته إلى البلد الذي يليه حتى تستقيم المعيشة، وتكونوا فيه سواء، فإن أردتم بيعتي على الذي بذلت لكم... فأنا لكم، وإن ملت... فلا بيعة لي عليكم، وإن رأيتم أحدا أقوى مني عليها فأردتم بيعته.. فأنا أول من يبايعه ويدخل في طاعته، وأستغفر الله لي ولكم).
وقال عثمان بن أبي العاتكة: يزيد بن الوليد، خرج يومئذ بين صفين من الخيل عليهم السلاح من باب الحصن إلى المصلى). (أول من خرج بالسلاح في العيد:
وعن أبي عثمان الليثي؟ قال يزيد الناقص: يا بني أمية؛ إياكم والغناء؛ فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل المسكر، فإن كنتم لابد فاعلين... فجنبوه النساء، فإن الغناء داعية الزنا).
وقال ابن عبد الحكم: (سمعت رضي الله عنه يقول: لما ولي الشافعي ... دعا الناس إلى القدر، وحملهم عليه، وقرب أصحاب يزيد بن الوليد غيلان).
ولم يمتع يزيد بالخلافة، بل مات من عامه في سابع ذي الحجة، فكانت خلافته ستة أشهر ناقصة، وكان عمره خمسا وثلاثين سنة، وقيل: ستا وأربعين سنة، ويقال: إنه مات بالطاعون.