وقال الحسين بن يحيى : (رأى الواثق في النوم كأنه يسأل الله الجنة ، وأن قائلا يقول له : لا يهلك على الله إلا من قلبه مرت ، فأصبح فسأل الجلساء عن ذلك ، فلم يعرفوا معناه ، فوجه إلى أبي محلم وأحضره ، فسأله عن الرؤيا والمرت .
فقال أبو محلم : المرت : القفر الذي لا ينبت شيئا ، فالمعنى على هذا : لا يهلك على الله إلا من قلبه خال من الإيمان خلو المرت من النبات .
فقال له الواثق : أريد شاهدا من الشعر في المرت ، فبادر بعض من حضر فأنشده بيتا لبني أسد :
ومرت مروراة يحار بها القطا ويصبح ذو علم بها وهو جاهل
فضحك أبو محلم ، وقال : والله لا أبرح حتى أنشدك ، فأنشده للعرب مائة قافية معروفة لمائة شاعر معروف ، في كل بيت ذكر المرت ، فأمر له الواثق بمائة ألف دينار .وقال حمدون بن إسماعيل : (ما كان في الخلفاء أحد أحلم من الواثق ، ولا أصبر على أذى ولا خلاف منه ) .
وقال أحمد بن حمدون : (دخل هارون بن زياد مؤدب الواثق إليه ، فأكرمه إلى الغاية ، فقيل له : من هذا يا أمير المؤمنين الذي فعلت به هذا الفعل ؟
[ ص: 534 ] قال : هذا أول من فتق لساني بذكر الله ، وأدناني من رحمة الله ) .
ومن مديح علي بن الجهم فيه :
وثقت بالملك الوا ثق بالله النفوس
ملك يشقى به الما ل ولا يشقى الجليس
أسد يضحك من شد اته الحرب العبوس
أنس السيف به واس توحش العلق النفيس
يا بني العباس يأبى اللـ ـه إلا أن تروسوا


