[ ص: 560 ] المهتدي بالله [255 - 256 هـ ] خلافة
الخليفة الصالح ، محمد أبو إسحاق - وقيل : أبو عبد الله - بن الواثق بن المعتصم بن الرشيد أمه أم ولد; تسمى : وردة ، ولد في خلافة جده سنة بضع عشرة ومائتين .
وبويع بالخلافة لليلة بقيت من رجب ، سنة خمس وخمسين ومائتين ، وما قبل بيعته أحد حتى أتى بالمعتز ، فقام له ، وسلم عليه بالخلافة ، وجلس بين يديه ، فجيء بالشهود فشهدوا على المهتدي المعتز : أنه عاجز عن الخلافة ، فاعترف بذلك ، ومد يده فبايع ، فارتفع حينئذ المهتدي إلى صدر المجلس . المهتدي
وكان أسمر رقيقا ، مليح الوجه ، ورعا متعبدا ، عادلا قويا في أمر الله ، بطلا شجاعا ، لكنه لم يجد ناصرا ولا معينا . المهتدي
قال : (لم يزل صائما منذ ولي إلى أن قتل ) . الخطيب
وتشبهه المهتدي بعمر بن عبد العزيز ] [زهد
وقال هاشم بن القاسم : (كنت بحضرة عشية في رمضان ، فوثبت لأنصرف ، فقال لي : اجلس ، فجلست ، وتقدم فصلى بنا ، ثم دعا بالطعام ، فأحضر طبق خلاف ، وعليه رغيف من الخبز النقي ، وفيه آنية فيها ملح طعام وخل [ ص: 561 ] وزيت ، فدعاني إلى الأكل ، فابتدأت آكل ظانا أنه سيؤتى بطعام ، فنظر إلي وقال : ألم تك صائما ؟ قلت : بلى . المهتدي
قال : أفلست عازما على الصوم ؟ فقلت : كيف لا وهو رمضان ؟ فقال : فكل واستوف; فليس ههنا من الطعام غير ما ترى .
فعجبت ثم قلت : ولم يا أمير المؤمنين; قد أسبغ الله نعمته عليك ؟ !
فقال : إن الأمر لعلى ما وصفت; ولكني فكرت في أنه كان في بني أمية ، وكان من التقلل والتقشف على ما بلغك ، فغرت على عمر بن عبد العزيز بني هاشم ، فأخذت نفسي بما رأيت ) .