[ ص: 127 ] فصل قال ابن الجوزي    : ومن علوم الحديث معرفة علله ،  وذلك بجمع طرقه وقال  أحمد بن حنبل    : إذا لم يجمع طرق الحديث لم يفهم ، والحديث يفسر بعضه بعضا . 
وقال  عبد الرحمن بن مهدي    : لأن أعرف علة الحديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليست عندي ، انتهى كلامه . 
وقال  سفيان الثوري  عن أبيه عن منذر أبي يعلى الثوري  عن الربيع  قال : إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار نعرفه ، وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل ننكره ، وقال  نعيم بن حماد  قلت  لعبد الرحمن بن مهدي    : كيف تعرف صحيح الحديث من خطئه ؟ فقال : كما يعرف الطبيب المجنون . 
وذكر  البخاري  عن ابن المديني  عن  ابن مهدي  وسأله رجل عن ذلك فقال عبد الرحمن    : أرأيت لو أتيت الناقد فأريته دراهمك ، فقال : هذا جيد وهذا مستوق ، وهذا مبهرج ، أكنت تسأله عن ذلك ، أو كنت تسلم الأمر له ؟ قال : بل كنت أسلم الأمر إليه قال : فهذا كذلك لطول المجالسة والمناظرة والخبرة . 
وعن  ابن مهدي  قال : علمنا بصلة الحديث كهانة عند الجاهل وجاء رجل إلى أبي زرعة  فقال : ما الحجة في تعليلكم الحديث ؟ فقال : الحجة في ذلك أن تسألني عن حديث له علة فأذكر علته ، ثم تقصد محمد بن مسلم بن وارة  فتسأله عنه فيعلله ، ثم تقصد  أبا حاتم الرازي  فيعلله ، ثم تنظر فإن وجدت بيننا اختلافا في علته فاعلم أن كلا منا تكلم على مراده ، وإن وجدت الكلمة متفقة فاعلم حقيقة هذا العلم ، ففعل الرجل فاتفقت كلمتهم ، فقال : أشهد أن هذا العلم إلهام رواه  الحاكم   والبيهقي   والخطيب  وغيرهم . 
وقال أبو زرعة الدمشقي :  ثنا  أحمد بن أبي الحواري  ثنا  الوليد بن مسلم  سمعت الأوزاعي  يقول : كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم المزيف ، فما عرفوا منه أخذنا وما أنكروا منه تركنا . 
وقال  الأعمش :   [ ص: 128 ] كان إبراهيم  صيرفي الحديث فكنت إذا سمعت الحديث من بعض أصحابنا أتيته فعرضته عليه . 
وقال  قبيصة بن عقبة :  رأيت  زائدة  يعرض كتبه على  سفيان الثوري  ثم التفت إلى رجل في المجلس فقال : ما لك لا تعرض كتبك على الجهابذة كما نعرض ؟ 
وقال  زائدة :  كنا نأتي  الأعمش  فيحدثنا بكثير ، ثم نأتي  سفيان الثوري  فنذكر له تلك الأحاديث فيقول : ليس هذا من حديث  الأعمش  فنقول : صدق سفيان  ليس هذا من حديث  الأعمش  فنقول هو حدثناه الساعة فيقول : اذهبوا فقولوا له إن شئتم فنأتي  الأعمش  فنخبره ، فيقول : صدق سفيان  ليس هذا من حديثنا . 
وقال ابن معين :  لولا الجهابذة كثرت الستوق والزيوف في رواة الشريعة أما تحفظ قول  شريح    : إن للأثر جهابذة كجهابذة الورق . 
وقال الربيع  قال  الشافعي :  لا تستدل على أكثر الحديث وكذبه إلا بصدق المخبر وكذبه ، إلا في الخاص القليل من الحديث ، وذلك أن تستدل على الصدق والكذب فيه بأن يحدث المحدث ما لا يجوز أن يكون مثله ، أو يخالفه من هو أثبت وأكثر دلالات بالصدق منه . 
قال  البيهقي    : ومن ذلك حديث  يحيى بن آدم  يعني ما يأتي في العمل بالحديث الضعيف في آداب الدعاء والقراءة ، قال : وإن كانت رواته ثقات . فهو مما لا يجوز أن يكون مثله لأن النبي  صلى الله عليه وسلم لا يأمر بتصديق من أخبر عنه ما لم يقله ، وقد تفرد عنه  يحيى بن آدم  وهو ثقة ، ولكن اختلف عليه فيه وأرسله بعضهم وهو أشبه ، والخطأ في مراسيل  المقبري  متوهم . 
ثم ذكر  البيهقي  أحاديث أخر معللة ، إلى أن ذكر الحديث المذكور في آخر الكتاب في كفارة المجلس والله أعلم . وسبق قبل هذا بنحو كراسة في طلب العلم حديث { يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله    } . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					