[ ص: 370 ] فصل ( فيما ورد من الأخبار والآثار في الطاعون    ) . 
وإذا وقع الطاعون ببلد ولست فيه فلا تقدم عليه وإن كنت فيه فلا تخرج منه للخبر المشهور الصحيح في ذلك ، ومرادهم في دخوله ، والخروج منه لغير سبب بل فرارا وإلا لم يحرم ، وجوز بعض العلماء القدوم عليه ، والخروج منه فرارا ، وقالوا : لم ينه عن ذلك مخافة أن يصيبه غير المقدر لكن مخافة الفتنة على الناس لئلا يظنوا أن هلاك القادم بقدومه وسلامة الفار بفراره وأن هذا من نحو النهي عن الطيرة ، والقرب من المجذوم . 
وذكره بعضهم إجماعا ولهذا روى  أحمد   ، والبخاري   ومسلم  وغيرهم من حديث  عبد الرحمن بن عوف  رضي الله عنه { إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه    } ورووه أيضا من حديث  أسامة  وفي أوله فقال { رجس أو عذاب عذب به بعض الأمم بقي منه بقية يذهب المرة ويأتي الأخرى    } .  ولأحمد   ، والبخاري  من حديث  عائشة    { إنه عذاب يبعثه الله على من يشاء ، وإن الله جعله رحمة للمؤمنين ليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد    }  ولأحمد    { لا تفنى أمتي إلا بالطعن ، والطاعون قلنا : فما الطاعون قال غدة كغدة البعير ، والفار منه كالفار من الزحف    } وله من حديث أبي موسى    { قيل : فما الطاعون قال : وخز أعدائكم من الجن    } . 
الوخز طعن ليس بنافذ . وله من حديث  جابر    { الفار منه كالفار من الزحف ، والصابر  [ ص: 371 ] فيه كالصابر في الزحف    } وروي أيضا من حديث  أنس    { الطاعون شهادة لكل مسلم    } . 
ولما وقع الطاعون بالشام  قال  عمرو بن العاص  إنه رجز ، وفي رواية رجس ففروا منه في الشعاب ، والأودية ، فقال شرحبيل بن حسنة  ولكنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم ووفاة الصالحين فاجتمعوا ولا تتفرقوا عنه ، فقال عمرو  صدق ، وبلغ  معاذا  قول عمرو  فلم يصدقه وقال : بل هو شهادة ورحمة ودعوة نبيكم ، اللهم أعط  معاذا  وأهله نصيبهم من رحمتك . وفي رواية أن أبا عبيدة  قام خطيبا فقال أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم ، وإن أبا عبيدة  يسأل الله تعالى أن يقسم له منه حظه ، وماتا فيه  رضي الله عنهما . قال  أبو قلابة  فعرفت الشهادة وعرفت الرحمة ولم أدر ما دعوة نبيكم حتى { أنبئت أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم بينما هو ذات ليلة يصلي ; إذ قال في دعائه فحمى إذا ، أو طاعونا فقيل : له فقال : سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها ، وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فأعطانيها وسألته أن لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض فأبى علي أو قال منعت فقلت حمى إذا ، أو طاعونا    } . وعن عامر بن قيس أخي أبي موسى الأشعري  مرفوعا { اللهم اجعل فناء أمتي قتلا في سبيلك بالطعن ، والطاعون    } روى ذلك  أحمد    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					