فأما هجر المسلم العدل في اعتقاده وأفعاله  فقال  ابن عقيل  يكره وكلام الأصحاب خلافه ولهذا قال الشيخ تقي الدين  رحمه الله : اقتصاره في الهجرة على الكراهة ليس بجيد بل من الكبائر على نص  أحمد  الكبيرة ما فيه حد في الدنيا ، أو وعيد في الآخرة . وقد صح قوله  عليه السلام {   : فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار    } . 
وظاهر كلام الأكثر هنا ، لا فرق بين ثلاثة أيام ، وأكثر وكلامهم في النشوز يدل على هذا وذلك لظاهر ما في الصحيحين عن  أبي هريرة  عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال {   : إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله عز وجل ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره . التقوى ههنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه    } ، وفيهما أو في  مسلم    { ولا تنافسوا ولا تهجروا    } . 
وفي نسخة معتمدة { ولا تهاجروا ولا تقاطعوا ، إن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم    } التدابر المعاداة والمقاطعة ; لأن كل واحد يولي  [ ص: 243 ] صاحبه دبره ، والتحسس بالحاء قيل : الاستماع لحديث قوم وبالجيم التفتيش عن العورات ، وقيل : بالحاء تطلبه لنفسك وبالجيم لغيرك ، وقيل : هما بمعنى ، وهو طلب معرفة ما غاب ، وحال ولا تهجروا ولا تهاجروا بمعنى ، والمراد النهي عن الهجرة ، وقطع الكلام ، وقيل : يجوز أن يكون " لا تهجروا " أي : لا تتكلموا بالهجر بضم الهاء وهو الكلام القبيح . 
وروى الترمذي  وحسنه من حديث  أبي هريرة    { المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه    } ، وذكر الحديث بمعنى بعض ما تقدم . 
وفي الصحيحين عن  ابن عمر  مرفوعا { المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه    } . 
وعن  أبي هريرة  رضي الله عنه  أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال { تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس    } ، وفي لفظ { تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا    } وفي رواية { إلا المتهاجرين    } رواه  مسلم  الشحناء العداوة كأنه شحن قلبه بغضا أي : ملأه ، وكلامه في المستوعب وغيره على أنه لا يحرم في الثلاثة أيام للخبر { لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث    } . 
قال في شرح  مسلم  قال العلماء :  رضي الله عنهم إنما عفي عنها في الثلاثة ; لأن الآدمي مجبول من الغضب وسوء الخلق ونحو ذلك ، فعفي عنها في الثلاث ليزول ذلك العارض وسيأتي كلام أبي داود  بعد هذا الخبر يوافق هذا ، وقيل : إن الخبر لا يدل على الهجرة في الثلاثة . 
قال في شرح  مسلم  على مذهب من لا يحتج بالمفهوم : ويتوجه أولا أن الخبر في الهجر بعذر شرعي للخبر السابق . والذي ذكر  القاضي  في المجرد والشيخ  عبد القادر  وغيرهما استحباب هجرة أهل البدع والأهواء والفساق أطلقوا ولم يفرقوا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					