المسألة الموفية عشرين : قوله تعالى : { تحبسونهما من بعد الصلاة } وفي ذلك دليل على ، وهو أصل من أصول الحكومة ، وحكم من أحكام الدين ؟ فإن الحقوق المتوجهة على قسمين : منها ما يصح استيفاؤه معجلا ، ومنها ما لا يمكن استيفاؤه إلا مؤجلا فإن خلي من عليه الحق وغاب واختفى بطل الحق وتوي ، فلم يكن بد من التوثق منه ، فإما بعوض عن الحق ويكون [ ص: 242 ] بمالية موجودة فيه ; وهي المسمى رهنا ، وهو الأولى والأوكد ; وإما شخص ينوب منابه في المطالبة والذمة ، وهو قول الأول ; لأنه يجوز أن يغيب كغيبته ، ويتعذر وجوده كتعذره ، ولكن لا يملك أكثر من هذا . فإن تعذرا جميعا لم يبق إلا التوثق بحبسه ، حتى تقع منه التوفية لما كان عليه من حق ; فإن كان الحق بدنيا لا يقبل البدل كالحدود والقصاص ولم يتفق استيفاؤه معجلا ، لم يبق إلا التوثق بسجنه ; ولأجل هذه الحكمة شرع السجن . حبس من وجب عليه الحق
وقد روى الترمذي وأبو داود أن { } . النبي صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة رجلا ثم خلى عنه
وفي مصنف أن { عبد الرزاق } . النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق فقال : احبسوه ; فإن مات صاحبه فاقتلوه
وهذا دليل على أن الشهادة يمين وأنه عنى بهم المتنازعين في الحق لا القائمين بالشهادة فيه ; لأن القائم بالشهادة لا حبس عليه