المسألة الثالثة : ؟ : اختلف في ذلك الناس ، فصغو أي ميل أي العملين أفضل : التفكر أم الصلاة الصوفية إلى أن الفكرة أفضل ، فإنها تثمر المعرفة ، وهي أفضل المقامات الشرعية .
وصغو الفقهاء إلى أن الصلاة والذكر أفضل ; لما روي في ذلك من الحث والدعاء إليها ، والترغيب فيها ، والإيعاز بمنازلها وثوابها . والذي عندي فيه أن الناس مختلفون [ ص: 354 ] فمن كان شديد الفكر ، قوي النظر ، مستمر المرر ، قادرا على الأدلة ، متبحرا في المعارف ، فالفكر له أفضل ، ومن كان دون ذلك فالأعمال أقوى لنفسه ، وأثبت لعوده .
ثبت عن { عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه بات عند زوجه ابن عباس ميمونة ، وبات معه في ليلة لم تكن ميمونة تصلي فيها ، فاضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجه في طول الوسادة ، واضطجع ابن عباس في عرضها ; فلما انتصف الليل أو قبله بقليل ، أو بعده ، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح النوم عن وجهه ، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران : { ابن عباس إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب } حتى ختم السورة ; ثم قام إلى شن معلق فتوضأ منه وضوءا خفيفا ، ثم صلى خمس عشرة ركعة . }
فانظروا رحمكم الله إلى جمعه بين الفكرة في المخلوقات لتأكيد المعرفة وتحديدها حتى تجددت له حياة بالهب من النوم ، ثم إقباله على الصلاة بعدها ; فهذه هي السنة التي تعتمدون عليها .
فأما طريقة الصوفية فأن يكون الشيخ منهم يبقى يوما وليلة أو شهرا مفكرا لا يفتر فطريقة بعيدة عن الصواب غير لائقة بالشرع ولا مستمرة على السنن .