فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : روي عن قال : " أبي هريرة جعلت صفائح يعذب بها صاحبها يوم القيامة قبل القضاء " . من ترك عشرة آلاف درهم
وعن أنه قال : " والله لا يعذب الله رجلا بكنز فيمس درهم درهما ، ولا دينار دينارا ، ولكن يوسع جلده حتى يوضع كل دينار ودرهم على حدته " . ابن مسعود
وعن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ثوبان } . ما من رجل يموت وعنده أحمر أو أبيض [ ص: 495 ] إلا جعل له بكل قيراط صفيحة من نار فيكوى بها من فرقه إلى قدمه ، مغفور له بعد ذلك أو معذب
قال القاضي : هذه الأحاديث لم يصح سندها ، وهي بعد محمولة على ما لم تؤد زكاته ، فقد روي أن رجلا كان يسأل الناس ، فمات فوجدوا له عشرين ألفا ، فقال الناس : كنز . فقال : لعله كان يؤدي زكاته من غيره ، وما أدى زكاته فليس بكنز . ابن عمر
ومثله عن رضي الله عنه . جابر
وأما قول : أنه يوسع جلده فهذا إنما صح في الكافر أنه تعظم جثته زيادة في عذابه ، ويغلظ جلده ، ويكبر ضرسه ، حتى يكون مثل ابن مسعود أحد .
فأما المؤمن فلا يكون ذلك له بحال .
المسألة الثانية : قال علماؤنا : إنما كويت جبهته أولا لعله أنه كان يزويها للسائل كراهية لسؤاله ، كما قال الشاعر :
يزيد يغض الطرف عني كأنما زوى بين عينيه علي المحاجم فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى
ولا تلقني إلا وأنفك راغم
وقد روي عن قال : " من كان له مال فلم يؤد زكاته طوقه يوم القيامة شجاعا أقرع ينقر رأسه " . عبد الله بن مسعود
فلعله إن صح أن يكون الكي من خارج ، والنقر من داخل .
وقالت الصوفية : لما طلبوا بكثرة المال الجاه شان الله وجوههم ، ولما طووا كشحا [ ص: 496 ] عن الفقير إذا جالسهم كويت جنوبهم ، ولما أسندوا بظهورهم إلى أموالهم ثقة بها واعتمادا عليها دون الله كويت ظهورهم ، هذا والكل معنى صحيح .