[ ص: 515 ] المسألة السادسة : قالت الإمامية قبحها الله : أبي بكر في الغار مع كونه مع النبي دليل على جهله ونقصه وضعف قلبه وحيرته . حزن
أجاب على ذلك علماؤنا بثلاثة أجوبة : الأول : أن قوله : لا تحزن ، ليس بموجب بظاهره وجود الحزن ، إنما يقتضي منعه منه في المستقبل ، فلعل النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذلك زيادة في طمأنينة قلبه ; فإن الصديق قال للنبي صلى الله عليه وسلم : لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا .
فقال له : { } ; لتطمئن نفسه . لا تحزن إن الله معنا
الثاني : أن الصديق لا ينقصه إضافة الحزن إليه ، كما لم تنقص إبراهيم حين قيل عنه : { نكرهم وأوجس منهم خيفة } .
ولم ينقص موسى قوله عنه : { فأوجس في نفسه خيفة موسى } .
وهذان العظيمان قد وجدت عندهم التقية نصا ، وإنما هي عند الصديق هاهنا باحتمال .
الثالث : أن حزن الصديق رضي الله عنه لم يكن لشك وحيرة ، وإنما كان خوفا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصل إليه ضرر ، ولم يكن النبي في ذلك الوقت معصوما من الضرر ، فكيف يكون الصديق رضي الله عنه ضعيف القلب ، وهو لم يستخف حين مات النبي صلى الله عليه وسلم ; بل ظهر وقام المقام المحمود الذي تقدم ذكرنا له بقوة يقين ، ووفور علم ، وثبوت جأش ، وفصل للخطبة التي تعيي المحتالين .