المسألة الثالثة والعشرون : هذه الأوصاف التي ذكرنا شأنها في الأصناف التي قدمنا بيانها إنما تعتبر عند علمائنا فيمن لا قرابة بينه وبين المتصدق ، فإن وقعت القرابة ففي ذلك تفصيل عريض طويل .
فأما صدقة التطوع فقد { قال النبي صلى الله عليه وسلم لزينب امرأة ابن مسعود : زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم به } .
يعني بحليها الذي أرادت أن تتصدق به .
وفي حديث بئر حاء : { قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة : أرى أن تجعلها في الأقربين } ، فجعلها أبو طلحة في أقاربه ، وبني عمه .
وهذا كله صحيح ثابت في كل أم وبنت من الحديث .
وأما صدقة الفرض فإن أعطى الإمام صدقة الرجل لولده ووالده وزوجه الذين تلزمه نفقة جميعهم فإنه يجزئه .
وأما إن تناول هو ذلك بنفسه فلا يجوز أن يعطيها بحال لمن تلزمه نفقته ; لأنه يسقط [ في ذلك ] بها عن نفسه فرضا .
وأما إن أعطاها لمن لا تلزمه نفقتهم فقد اختلف العلماء في ذلك ; فمنهم من جوزه ، ومنهم من كرهه .
قال مالك : خوف المحمدة .
وقال مطرف : رأيت مالكا يدفع زكاته لأقاربه .
وقال الواقدي وهو إمام عظيم : قال مالك : أفضل من وضعت فيه زكاتك قرابتك الذين لا تعول .
[ ص: 537 ] وقد { قال النبي صلى الله عليه وسلم لزوجة عبد الله بن مسعود : لك أجران : أجر القرابة ، وأجر الصدقة } .


