[ ص: 14 ] سورة هود فيها ثماني آيات
الآية الأولى :
قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=19487من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون } .
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15من كان يريد الحياة الدنيا } بيان لما قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنما الأعمال بالنيات } ; وذلك ; لأن العبد لا يعطى إلا على وجه قصده ، وبحكم ما ينعقد ضميره عليه ، وهذا أمر متفق عليه في الأمم من أهل كل ملة .
المسألة الثانية :
أخبر الله سبحانه أن من يريد الدنيا يعطى ثواب عمله فيها ، ولا يبخس منه شيئا .
واختلف بعد ذلك في وجه التوفية ; فقيل في ذلك صحة بدنه أو إدرار رزقه .
وقيل : هذه الآية مطلقة ، وكذلك الآية التي في حم عسق : {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20من كان يريد حرث الآخرة } الآية قيدها وفسرها بالآية التي في سورة سبحان ، وهي قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18من كان يريد [ ص: 15 ] العاجلة عجلنا له } إلى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20محظورا } فأخبر سبحانه أن العبد ينوي ويريد ، والله أعلم بما يريد .
المسألة الثالثة :
اختلف في المراد بهذه الآية ; فقيل : إنه الكافر ، فأما المؤمن فله حكمه الأفضل الذي بينه الله في غير موضع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : هي في الكفرة ، وفي أهل الرياء .
قال القاضي : هي عامة في كل من ينوي غير الله بعمله ، كان معه أصل إيمان ، أو لم يكن . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25415قال الله : إني لا أقبل عملا أشرك فيه معي غيري ، أنا أغنى الأغنياء عن الشرك } .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11289إن الله جل ثناؤه إذا كان يوم القيامة نزل إلى العباد ليقضي بينهم ، وكل أمة جاثية ، فأول من يدعى به رجل جمع القرآن ، ورجل قتل في سبيل الله ، ورجل كثير المال ، فيقول الله للقارئ : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ قال : بلى يا رب . قال : فماذا عملت فيما علمت ؟ قال : كنت أقوم آناء الليل وآناء النهار . فيقول الله جل ثناؤه : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله جل جلاله : بل أردت أن يقال فلان قارئ ; فقد قيل ذلك . ويؤتى بصاحب المال ، فيقول الله تعالى : أولم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ فيقول : بلى يا رب . فيقول : فماذا عملت فيما آتيتك ؟ قال : كنت أصل الرحم وأتصدق ، فيقول الله : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت : بل أردت أن يقال فلان جواد ، فقد قيل لك ذلك . ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله ، فيقال له : فيما ذا قتلت ؟ فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت . فيقول الله : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله : بل أردت أن يقال فلان جريء ، فقد قيل ذلك . [ ص: 16 ] ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي وقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة } .
ثم قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون } أي في الدنيا ، وهذا نص في مراد الآية ، والله أعلم .
[ ص: 14 ] سُورَةُ هُودٍ فِيهَا ثَمَانِي آيَاتٍ
الْآيَةُ الْأُولَى :
قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=19487مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ } .
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } بَيَانٌ لِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ } ; وَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُعْطَى إلَّا عَلَى وَجْهِ قَصْدِهِ ، وَبِحُكْمِ مَا يَنْعَقِدُ ضَمِيرُهُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْأُمَمِ مِنْ أَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ :
أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا يُعْطَى ثَوَابَ عَمَلِهِ فِيهَا ، وَلَا يُبْخَسُ مِنْهُ شَيْئًا .
وَاخْتُلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ التَّوْفِيَةِ ; فَقِيلَ فِي ذَلِكَ صِحَّةُ بَدَنِهِ أَوْ إدْرَارُ رِزْقِهِ .
وَقِيلَ : هَذِهِ الْآيَةُ مُطْلَقَةٌ ، وَكَذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي فِي حم عسق : {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ } الْآيَةُ قَيَّدَهَا وَفَسَّرَهَا بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ سُبْحَانَ ، وَهِيَ قَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18مَنْ كَانَ يُرِيدُ [ ص: 15 ] الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ } إلَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20مَحْظُورًا } فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَنْوِي وَيُرِيدُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُرِيدُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْآيَةِ ; فَقِيلَ : إنَّهُ الْكَافِرُ ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَلَهُ حُكْمُهُ الْأَفْضَلُ الَّذِي بَيَّنَهُ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : هِيَ فِي الْكَفَرَةِ ، وَفِي أَهْلِ الرِّيَاءِ .
قَالَ الْقَاضِي : هِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ يَنْوِي غَيْرَ اللَّهِ بِعَمَلِهِ ، كَانَ مَعَهُ أَصْلُ إيمَانٍ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25415قَالَ اللَّهُ : إنِّي لَا أَقْبَلُ عَمَلًا أُشْرِكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ، أَنَا أَغْنَى الْأَغْنِيَاءِ عَنْ الشِّرْكِ } .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11289إنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَزَلَ إلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ ، فَأَوَّلُ مَنْ يُدْعَى بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ ، وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ : أَلَمْ أُعَلِّمْك مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ . قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْت فِيمَا عَلِمْت ؟ قَالَ : كُنْت أَقُومُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ . فَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ قَارِئٌ ; فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ . وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَوَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْك حَتَّى لَمْ أَدَعَكَ تَحْتَاجُ إلَى أَحَدٍ ؟ فَيَقُولُ : بَلَى يَا رَبِّ . فَيَقُولُ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُك ؟ قَالَ : كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ : كَذَبْت ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْت : بَلْ أَرَدْت أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَوَادٌ ، فَقَدْ قِيلَ لَك ذَلِكَ . وَيُؤْتَى بِاَلَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَيُقَالُ لَهُ : فِيمَا ذَا قُتِلْت ؟ فَيَقُولُ : أُمِرْت بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِك فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ . فَيَقُولُ اللَّهُ : كَذَبْت ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْت ، وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ أَرَدْت أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَرِيءٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ . [ ص: 16 ] ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَقَالَ : يَا nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ ، أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أَيْ فِي الدُّنْيَا ، وَهَذَا نَصٌّ فِي مُرَادِ الْآيَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .