فإن قيل :
nindex.php?page=treesubj&link=24405ومن كذب في رؤيا ففسرها العابر له ، أيلزمه حكمها ؟ وهي :
[ ص: 53 ]
المسألة الثانية : قلنا : لا يلزمه ; وإنما كان كذلك في
يوسف ; لأنه نبي . وقد قال : إنه يكون كذا ويقع كذا ، فأوجد الله ما أخبر كما قال ; تحقيقا لنبوته .
فإن قيل : إنما مخرج كلام
يوسف في أنه يكون كذا إن كانا رأياه .
قلنا : ذلك جائز ; ولكن الفتيان أرادا اختباره بذلك ، فحقق الله قوله [ آية ] ، وقابل الهزل بالجد ، كما قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15الله يستهزئ بهم } .
فإن قيل : فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، قال : جاء رجل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فقال له : إني رأيت كأني أعشبت ، ثم أجدبت ، ثم أعشبت ، ثم أجدبت . فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : أنت رجل تؤمن ، ثم تكفر ، ثم تؤمن ، ثم تكفر ، ثم تموت كافرا . فقال له الرجل : ما رأيت شيئا . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : قد قضي لك ما قضي لصاحب
يوسف .
قلنا : ليست لأحد بعد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كان محدثا ، وكان إذا ظن ظنا كان ، وإذا تكلم به وقع على ما ورد في أخباره ، وهي كثيرة ; منها : أنه دخل عليه رجل فقال له : أظنك كاهنا ، فكان كما ظن خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
ومنها : أنه سأل رجلا عن اسمه ، فقال له أسماء فيها النار كلها ، فقال له : أدرك أهلك فقد احترقوا ; فكان كما قال . والله أعلم .
فَإِنْ قِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=24405وَمَنْ كَذَبَ فِي رُؤْيَا فَفَسَّرَهَا الْعَابِرُ لَهُ ، أَيَلْزَمُهُ حُكْمُهَا ؟ وَهِيَ :
[ ص: 53 ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قُلْنَا : لَا يَلْزَمُهُ ; وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ فِي
يُوسُفَ ; لِأَنَّهُ نَبِيٌّ . وَقَدْ قَالَ : إنَّهُ يَكُونُ كَذَا وَيَقَعُ كَذَا ، فَأَوْجَدَ اللَّهُ مَا أَخْبَرَ كَمَا قَالَ ; تَحْقِيقًا لِنُبُوَّتِهِ .
فَإِنْ قِيلَ : إنَّمَا مَخْرَجُ كَلَامِ
يُوسُفَ فِي أَنَّهُ يَكُونُ كَذَا إنْ كَانَا رَأَيَاهُ .
قُلْنَا : ذَلِكَ جَائِزٌ ; وَلَكِنْ الْفَتَيَانِ أَرَادَا اخْتِبَارَهُ بِذَلِكَ ، فَحَقَّقَ اللَّهُ قَوْلَهُ [ آيَةَ ] ، وَقَابَلَ الْهَزْلَ بِالْجَدِّ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ } .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ لَهُ : إنِّي رَأَيْت كَأَنِّي أَعْشَبْت ، ثُمَّ أَجْدَبْت ، ثُمَّ أَعْشَبْت ، ثُمَّ أَجْدَبْت . فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ : أَنْتَ رَجُلٌ تُؤْمِنُ ، ثُمَّ تَكْفُرُ ، ثُمَّ تُؤْمِنُ ، ثُمَّ تَكْفُرُ ، ثُمَّ تَمُوتُ كَافِرًا . فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : مَا رَأَيْت شَيْئًا . فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ : قَدْ قُضِيَ لَك مَا قُضِيَ لِصَاحِبِ
يُوسُفَ .
قُلْنَا : لَيْسَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ كَانَ مُحَدَّثًا ، وَكَانَ إذَا ظَنَّ ظَنًّا كَانَ ، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِهِ وَقَعَ عَلَى مَا وَرَدَ فِي أَخْبَارِهِ ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ ; مِنْهَا : أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ : أَظُنُّك كَاهِنًا ، فَكَانَ كَمَا ظَنَّ خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ .
وَمِنْهَا : أَنَّهُ سَأَلَ رَجُلًا عَنْ اسْمِهِ ، فَقَالَ لَهُ أَسْمَاءَ فِيهَا النَّارُ كُلُّهَا ، فَقَالَ لَهُ : أَدْرِكْ أَهْلَك فَقَدْ احْتَرَقُوا ; فَكَانَ كَمَا قَالَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .