الآية الرابعة قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون } .
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى : في تفسيرها : روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من طرق : أن
nindex.php?page=treesubj&link=28985أول من سعى بين الصفا والمروة أم إسماعيل ، وأن أول من أجرت الذيل
أم إسماعيل ، وذلك أنه لما فرت
هاجر من
سارة أرخت ذيلها لتعفي أثرها على
سارة ، ثم جاء بها
إبراهيم وبابنها
إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند
البيت عند دوحة فوق
زمزم في أعلى المسجد ، وليس
بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، فوضعها هنالك ، ووضع عندها جرابا فيه تمر ، وسقاء فيه ماء ، ثم قفل
إبراهيم منطلقا ، فتبعته
أم إسماعيل فقالت : يا
إبراهيم ، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء ؟ قالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذن لا يضيعنا الله . ثم رجعت . فانطلق
إبراهيم حتى إذا كان عند
الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه
البيت ، ثم
[ ص: 95 ] دعا بهؤلاء الدعوات ، ورفع يديه فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع } حتى بلغ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37يشكرون } وجعلت
أم إسماعيل ترضع
إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى ، أو قال : يتلبط ; فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت
الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا ، فلم تر أحدا ، فهبطت من
الصفا ، حتى إذا بلغت الوادي ، رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ، ثم أتت
المروة ، فقامت عليه ، ونظرت هل ترى أحدا ، فعلت ذلك سبع مرات . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25459قال النبي صلى الله عليه وسلم : فلذلك سعى الناس بينهما ، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت : صه ، تريد نفسها ، ثم تسمعت فسمعت أيضا . فقالت : قد أسمعت ، إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تخوضه وتقول بيدها : هكذا ، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بقدر ما تغرف } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43796يرحم الله أم إسماعيل ، لو تركت ماء زمزم أو قال : لو لم تغرف من الماء لكانت عينا معينا } . قال : فشربت وأرضعت ولدها ، فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة ; فإن هاهنا
بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله . وكان
البيت مرتفعا من الأرض كالرابية ، تأتيه السيول ، فتأخذ عن يمينه وشماله ، وكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من
جرهم مقبلين من طريق
كداء ، فنزلوا في أسفل
مكة ، فرأوا طائر عائفا ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء ، فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء ، فرجعوا فأخبروهم بالماء ، فأقبلوا . قال :
وأم إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم ، ولكن لا حق لكم في الماء . قالوا : نعم .
[ ص: 96 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25456قال النبي صلى الله عليه وسلم : فألفت ذلك أم إسماعيل ، وهي تحب الأنس ، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم ، فنزلوا معهم ، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم ، وشب الغلام ، وتعلم العربية منهم وأنفسهم أعجبهم حين شب ، فلما أدرك زوجوه امرأة فيهم } . وماتت
أم إسماعيل ، فجاء
إبراهيم بعدما تزوج
إسماعيل يطالع تركته ، فلم يجد
إسماعيل فسأل امرأته عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بشر في ضيق وشدة ، وشكت إليه . فقال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، وقولي له يغير عتبة بابه . فلما جاء
إسماعيل كأنه آنس شيئا فقال : هل جاءكم من أحد ؟ قالت : جاءنا شيخ صفته كذا وكذا ، فسألنا عنك ، فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا في جهد وشدة . قال : فهل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأ عليك السلام ، ويقول لك : غير عتبة بابك . قال : ذاك أبي ، وقد أمرني أن أفارقك . الحقي بأهلك . فطلقها وتزوج منهم أخرى ، فلبث عنهم
إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد فلم يجده ، فدخل على امرأته فسألها عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا . قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم ، فقالت : نحن بخير وسعة ، وأثنت على الله ، فقال : ما طعامكم قالت : اللحم . قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25505قال النبي صلى الله عليه وسلم : لم يكن لهم يومئذ حب ، ولو كان لهم دعا لهم فيه } . قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير
مكة إلا لم يوافقاه . قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه . فلما جاء
إسماعيل قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم ; أتانا شيخ حسن الهيئة ، وأثنت عليه ، فسألني عنك فأخبرته ، فسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا بخير . قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ; هو يقرأ عليك السلام ، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك . قال : ذلك أبي ، وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك .
[ ص: 97 ] ثم لبث عنهم ما شاء الله ، ثم جاء بعد ذلك
وإسماعيل يبري نبلا تحت
دوحة قريبا من
زمزم . فلما رآه قام إليه ، فصنعا كما يصنع الولد بالوالد والوالد بالولد ، ثم قال : يا
إسماعيل ، إن الله أمرني بأمر . قال : فاصنع ما أمرك ربك . قال : وتعينني . قال : وأعينك . قال : فإن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتا وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها . قال : فعند ذلك رفعا القواعد من
البيت ، فجعل
إسماعيل يأتي بالحجارة ،
وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه ، وهو يبني ،
وإسماعيل يناوله الحجارة ; وهما يقولان : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } . قال : فجعلا يبنيان حتى تدور حول
البيت ، وهما يقولان : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127ربنا تقبل منا } .
الْآيَةُ الرَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } .
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي تَفْسِيرِهَا : رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طُرُقٍ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28985أَوَّلَ مَنْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أُمُّ إسْمَاعِيلَ ، وَأَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَجَرَّتْ الذَّيْلَ
أُمُّ إسْمَاعِيلَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا فَرَّتْ
هَاجَرُ مِنْ
سَارَةَ أَرْخَتْ ذَيْلَهَا لِتُعَفِّي أَثَرَهَا عَلَى
سَارَةَ ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا
إبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا
إسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ
الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ
زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ ، وَلَيْسَ
بِمَكَّةَ يَوْمئِذٍ أَحَدٌ ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ ، فَوَضَعَهَا هُنَالِكَ ، وَوَضَعَ عِنْدَهَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ، ثُمَّ قَفَلَ
إبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا ، فَتَبِعَتْهُ
أُمُّ إسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ : يَا
إبْرَاهِيمُ ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَنِيسٌ وَلَا شَيْءٌ ؟ قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا ، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهَا ، فَقَالَتْ لَهُ : آللَّهُ أَمَرَك بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَتْ : إذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا اللَّهُ . ثُمَّ رَجَعَتْ . فَانْطَلَقَ
إبْرَاهِيمُ حَتَّى إذَا كَانَ عِنْدَ
الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ
الْبَيْتِ ، ثُمَّ
[ ص: 95 ] دَعَا بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ } حَتَّى بَلَغَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37يَشْكُرُونَ } وَجَعَلَتْ
أُمُّ إسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ
إسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى إذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا ، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إلَيْهِ يَتَلَوَّى ، أَوْ قَالَ : يَتَلَبَّطُ ; فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ ، فَوَجَدَتْ
الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا ، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا ، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا ، فَهَبَطَتْ مِنْ
الصَّفَا ، حَتَّى إذَا بَلَغَتْ الْوَادِيَ ، رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتْ الْوَادِيَ ، ثُمَّ أَتَتْ
الْمَرْوَةُ ، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ، وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا ، فَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25459قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلِذَلِكَ سَعَى النَّاسُ بَيْنَهُمَا ، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ : صَهٍ ، تُرِيدُ نَفْسَهَا ، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا . فَقَالَتْ : قَدْ أَسْمَعْتَ ، إنْ كَانَ عِنْدَك غُوَاثٌ ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ فَجَعَلَتْ تَخُوضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا : هَكَذَا ، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنْ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بِقَدْرِ مَا تَغْرِفُ } . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43796يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إسْمَاعِيلَ ، لَوْ تَرَكَتْ مَاءَ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ : لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ الْمَاءِ لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا } . قَالَ : فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا ، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ : لَا تَخَافِي الضَّيْعَةَ ; فَإِنْ هَاهُنَا
بَيْتُ اللَّهِ يَبْنِيه هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ . وَكَانَ
الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنْ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ ، فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ، وَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ
جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ
كَدَاءٍ ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلَ
مَكَّةَ ، فَرَأَوْا طَائِرَ عَائِفًا ، فَقَالُوا : إنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ ، فَأَقْبَلُوا . قَالَ :
وَأُمُّ إسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ ، فَقَالُوا : أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَك ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ . قَالُوا : نَعَمْ .
[ ص: 96 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25456قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَلِفَتْ ذَلِكَ أُمُّ إسْمَاعِيلَ ، وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ ، فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إلَى أَهْلَيْهِمْ ، فَنَزَلُوا مَعَهُمْ ، حَتَّى إذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ ، وَشَبَّ الْغُلَامُ ، وَتَعْلَمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ أَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً فِيهِمْ } . وَمَاتَتْ
أُمُّ إسْمَاعِيلَ ، فَجَاءَ
إبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ
إسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ
إسْمَاعِيلَ فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ ، فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ : نَحْنُ بَشَرٌ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ ، وَشَكَتْ إلَيْهِ . فَقَالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُك فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ ، وَقَوْلِي لَهُ يُغَيِّرُ عَتَبَةَ بَابِهِ . فَلَمَّا جَاءَ
إسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا فَقَالَ : هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : جَاءَنَا شَيْخٌ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلْنَا عَنْك ، فَأَخْبَرْته ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا ؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ . قَالَ : فَهَلْ أَوْصَاك بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْك السَّلَامَ ، وَيَقُولُ لَك : غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِك . قَالَ : ذَاكَ أَبِي ، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَك . الْحَقِي بِأَهْلِك . فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى ، فَلَبِثَ عَنْهُمْ
إبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ ، فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا . قَالَ : كَيْفَ أَنْتُمْ ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ : نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ ، فَقَالَ : مَا طَعَامُكُمْ قَالَتْ : اللَّحْمُ . قَالَ : فَمَا شَرَابُكُمْ ؟ قَالَتْ : الْمَاءُ . قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25505قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ } . قَالَ : فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ
مَكَّةَ إلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ . قَالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُك فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَمُرِيهِ يُثَبِّتُ عَتَبَةَ بَابِهِ . فَلَمَّا جَاءَ
إسْمَاعِيلُ قَالَ : هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ; أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ ، فَسَأَلَنِي عَنْك فَأَخْبَرْته ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا ؟ فَأَخْبَرْته أَنَّا بِخَيْرٍ . قَالَ : فَأَوْصَاك بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ; هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْك السَّلَامَ ، وَيَأْمُرُك أَنْ تُثَبِّتَ عَتَبَةَ بَابِك . قَالَ : ذَلِكَ أَبِي ، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَك .
[ ص: 97 ] ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ
وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا تَحْتَ
دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ
زَمْزَمَ . فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إلَيْهِ ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَلَدُ بِالْوَالِدِ وَالْوَالِدُ بِالْوَلَدِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا
إسْمَاعِيلُ ، إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ . قَالَ : فَاصْنَعْ مَا أَمَرَك رَبُّك . قَالَ : وَتُعِينُنِي . قَالَ : وَأُعِينُك . قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَاهُنَا بَيْتًا وَأَشَارَ إلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا . قَالَ : فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنْ
الْبَيْتِ ، فَجَعَلَ
إسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ ،
وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي ، حَتَّى إذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَبْنِي ،
وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ ; وَهُمَا يَقُولَانِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّك أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } . قَالَ : فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى تَدَوَّرَ حَوْلَ
الْبَيْتِ ، وَهُمَا يَقُولَانِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا } .