الآية الثالثة قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين } .
قد تكلمنا على
nindex.php?page=treesubj&link=21186_21176الاستثناء في أصول الفقه بما فيه بلاغ للطلبة ، وأوضحنا أن الاستثناء الثاني يرجع إلى ما يليه ، ولا يتعلق بالأول من الكلام تعلق الأول من الاستثناء به ، لاستحالة ذلك فيه .
[ ص: 104 ] وبيانه الآن على اختصار لكم أنا لو علقناه بالأول كما علقناه بما يليه لكان ذلك تناقضا وصار الكلام نفيا لما أثبت ، وإثباتا لما نفي ، وذلك لأن الاستثناء من الإثبات نفي ، ومن النفي إثبات ، فإذا كان الأول إثباتا فالاستثناء منه نفي ; ثم إن استثنى من النفي فإنما يستثنى به إثبات ، فيصير هذا المستثنى الآخر منفيا بالاستثناء الأول مثبتا بالثاني ، وهذا تناقض ، وبسطه وإيضاحه في الأصول ، فأبان الله تعالى بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين } إلا آل
لوط فليسوا منهم ، إلا امرأته فإنها خارجة عن آله ، فترتب عليها من الفقه
nindex.php?page=treesubj&link=15746قول المقر : عندي عشرة إلا ثلاثة إلا واحدا ، فثبت الإقرار بثمانية ، ويترتب عليه
nindex.php?page=treesubj&link=11783قول المطلق لزوجته : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة ، فتكون اثنتين ، وهذا ظاهر فأغنى عن الإطناب فيه .
الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إلَّا آلَ لُوطٍ إنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إنَّهَا لَمِنْ الْغَابِرِينَ } .
قَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=21186_21176الِاسْتِثْنَاءِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِمَا فِيهِ بَلَاغٌ لِلطَّلَبَةِ ، وَأَوْضَحْنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَلِيه ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَوَّلِ مِنْ الْكَلَامِ تَعَلُّقَ الْأَوَّلِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ بِهِ ، لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِيهِ .
[ ص: 104 ] وَبَيَانُهُ الْآنَ عَلَى اخْتِصَارٍ لَكُمْ أَنَّا لَوْ عَلَّقْنَاهُ بِالْأَوَّلِ كَمَا عَلَّقْنَاهُ بِمَا يَلِيه لَكَانَ ذَلِكَ تَنَاقُضًا وَصَارَ الْكَلَامُ نَفْيًا لِمَا أُثْبِتَ ، وَإِثْبَاتًا لِمَا نُفِيَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ ، وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ ، فَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ إثْبَاتًا فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ نَفْيٌ ; ثُمَّ إنْ اسْتَثْنَى مِنْ النَّفْيِ فَإِنَّمَا يُسْتَثْنَى بِهِ إثْبَاتٌ ، فَيَصِيرُ هَذَا الْمُسْتَثْنَى الْآخَرُ مَنْفِيًّا بِالِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ مُثْبَتًا بِالثَّانِي ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ ، وَبَسْطُهُ وَإِيضَاحُهُ فِي الْأُصُولِ ، فَأَبَانَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ } إلَّا آلَ
لُوطٍ فَلَيْسُوا مِنْهُمْ ، إلَّا امْرَأَتَهُ فَإِنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ آلِهِ ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا مِنْ الْفِقْهِ
nindex.php?page=treesubj&link=15746قَوْلُ الْمُقِرِّ : عِنْدِي عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا وَاحِدًا ، فَثَبَتَ الْإِقْرَارُ بِثَمَانِيَةٍ ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ
nindex.php?page=treesubj&link=11783قَوْلُ الْمُطَلِّقِ لِزَوْجَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً ، فَتَكُونُ اثْنَتَيْنِ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فَأَغْنَى عَنْ الْإِطْنَابِ فِيهِ .