قوله تعالى : { إن في ذلك لآيات للمتوسمين } .
فيها مسألتان :
المسألة الأولى : في التوسم : وهو تفعل من الوسم ، وهو العلامة التي يستدل بها على مطلوب غيرها . قال الشاعر يمدح النبي صلى الله عليه وسلم :
إني توسمت فيك الخير نافلة والله يعلم أني صادق البصر
وفي الفراسة أيضا ، يقال : تفرست وتوسمت . وحقيقتها الاستدلال بالخلق على الخلق ، وذلك يكون بجودة القريحة ، وحدة الخاطر ، وصفاء الفكر . يحكى أن الشافعي ومحمد بن الحسن كانا جالسين بفناء الكعبة ، ودخل رجل على باب المسجد ، فقال أحدهما : أراه نجارا ، وقال الآخر : بل حدادا ، فتبادر من حضر إلى الرجل فسألوه ، فقال لهم : كنت نجارا ، وأنا الآن حداد ، وهذه زيادة على العادة ، فزعمت الصوفية أنها كرامة . [ ص: 107 ]وقال غيرهم : بل هي استدلال بالعلامة ، ومن العلامات ظاهر يبدو لكل أحد ، بأول نظر ، ومنها ما هو خفي فلا يبدو لكل أحد ، ولا يدرك ببادئ النظر . وقد روى الترمذي عن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبي سعيد الخدري } اتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله
وهذا مبين في كتب الأصول .