الآية الخامسة قوله تعالى : { وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون } .
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : قوله : { لتأكلوا منه لحما طريا } : فسمى الحوت لحما ، أربعة : لحوم الأنعام ، ولحوم الوحش ، ولحوم الطير ، ولحوم الحوت . ويعمها اسم اللحم ، ويخصها أنواعه ، وفي كل نوع من هذه الأنواع تتشابه ; ولذلك اختلف علماؤنا فيمن وأنواع اللحم ; فقال حلف ألا يأكل لحما ابن القاسم : يحنث بكل نوع من هذه الأنواع الأربعة . وقال في المجموعة : لا يحنث إلا بأكل لحوم الأنعام دون الوحش وغيره ، [ ص: 127 ] مراعاة للعرف والعادة ، وتقديما لها على إطلاق اللفظ اللغوي ، وهذا يختلف في البلاد ، فإنه من كان أشهب بتنيس أو بالفرما لا يرى لحما إلا الحوت ، والأنعام قليلة فيها ، فعرفها عكس عرف بغداد ، فإنه لا أثر للحوت فيها ، وإنما المعول على لحوم الأنعام ، وإذا أجرينا اليمين على الأسباب فسبب اليمين يدخل فيها ما لا يجري على العرف ، ويخرجه منها ، والنية تقضي على ذلك كله .
وقد يقول الرجل : أشتري لحما وحيتانا فلا يعد تكرارا ، والذي أختاره وإن لم يكن للحالف نية ولا سبب ما قاله . أشهب