المسألة الثانية : قوله : { نافلة لك    } : والنفل هو الزيادة ، كما تقدم بيانه ; وفي وجه الزيادة هاهنا قولان : الأول : أنه زيادة على فرضه خاصة دون الناس . 
الثاني : قوله : { نافلة لك    } ; أي زيادة ; لأنه لا يكفر شيئا ; إذ غفر له ذنبه . والأول أصح ; لأن الثاني فاسد ; إذ نفله وفرضه لا يصادف ذنبا ، و لا صلاة الليل ولا صلاة النهار تكفران خطيئة ; لأن ذلك معدوم في حده وجودا ، معدوم في حقه مؤاخذة لو كان لفضل المغفرة من الله عليه . ومن خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل  ، { وكان يقوم حتى ترم قدماه   } ; وقد بينا ذلك في سورة " الأحزاب " وفي سورة " المزمل " . 
المسألة الثالثة : في صفة هذا التهجد  وفيه ثلاثة أقوال : 
الأول : أنه النوم ، ثم الصلاة ، ثم النوم ، ثم الصلاة .  [ ص: 214 ] الثاني : أنه الصلاة بعد النوم . الثالث : أنه بعد صلاة العشاء . 
وهذا دعاوى من التابعين فيها ، ولعلهم إنما عولوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام ويصلي ، وينام ويصلي ، فعولوا على أن ذلك الفعل كان امتثالا لهذا الأمر ، فإن كان ذلك فالأمر فيه قريب . 
المسألة الرابعة : في وجه كون قيام الليل سببا للمقام المحمود  وفيه قولان للعلماء : 
أحدهما : أن البارئ يجعل ما شاء من فعله سببا لفضله من غير معرفة بوجه الحكمة فيه ، أو بمعرفة وجه الحكمة . الثاني : أن قيام الليل فيه الخلوة مع البارئ والمناجاة دون الناس ; فيعطى الخلوة به ومناجاته في القيامة ، فيكون مقاما محمودا ، ويتفاضل فيه الخلق بحسب درجاتهم ; فأجلهم فيه درجة محمد  صلى الله عليه وسلم فإنه يعطى من المحامد ما لم يعط أحد ، ويشفع ولا يشفع أحد ، والله أعلم . 
				
						
						
