[ ص: 247 ] الآية الثانية : قوله تعالى : { وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا     } . فيها مسألتان : 
المسألة الأولى : قد بينا أن للمولى ثمانية معان في كتب الأصول والحديث ، وأوضحنا أن من جملتها الوارث ، وابن العم . ولم يخف زكريا  إرث المال ، ولا رجاه من الولد ; وإنما أراد إرث النبوة ، وعليها خاف أن تخرج عن عقبه ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة   } . وفي لفظ آخر : { إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورثوا علما   } . والأول أصح . 
المسألة الثانية : رجا زكريا  ربه في الولد لوجهين : 
أحدهما : أنه دعاه لإظهار دينه ، وإحياء نبوته ، ومضاعفة أجره ، في ولد صالح نبي بعده ، ولم يسأله للدنيا . 
الثاني : لأن ربه كان قد عوده الإجابة ، وذلك لقوله تعالى : { ولم أكن بدعائك رب شقيا    } . وهذه وسيلة حسنة أن يتشفع إليه بنعمه ، ويستدر فضله بفضله . يروى أن حاتم الجواد  لقيه رجل ، فسأله فقال له حاتم    : من أنت ؟ قال : أنا الذي أحسنت إليه عام أول . قال : مرحبا بمن تشفع إلينا بنا . 
				
						
						
