المسألة الثالثة :
بينا أن الله سبحانه لما بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحجة دعا قومه إلى الله دعاء دائما عشرة أعوام ، لإقامة حجة الله سبحانه ، ووفاء بوعده الذي امتن به بفضله في وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } ، واستمر الناس في الطغيان ، وما استدلوا بواضح البرهان ، وحين أعذر الله بذلك إلى الخلق ، وأبوا عن الصدق أمر رسوله بالقتال ، ليستخرج الإقرار بالحق منهم بالسيف . قوله : {
المسألة الرابعة :
قرئ يقاتلون بكسر التاء وفتحها ، فإن كسرت التاء كان خبرا عن فعل المأذون لهم ، وإن فتحتها كان خبرا عن فعل غيرهم بهم ، وإن الإذن وقع من أجل ذلك لهم ، ففي فتح التاء بيان سبب القتال ، وقد كان الكفار يتعمدون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالإذاية ، ويعاملونهم بالنكاية : لقد خنقه المشركون حتى كادت نفسه تذهب ، فتداركه أبو بكر ، وقال : { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله } وقد بلغ بأصحابه إلى الموت ; فقد قتل أبو جهل سمية أم عمار بن ياسر . وقد عذب ، وما بعد هذا إلا الانتصار بالقتال . بلال
والأقوى عندي قراءة كسر التاء ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقوع العفو والصفح عما [ ص: 301 ] فعلوا أذن الله له في القتال عند استقراره بالمدينة ، فأخرج البعوث ، ثم خرج بنفسه ، حتى أظهره الله يوم بدر ، وذلك قوله : { وإن الله على نصرهم لقدير } . .