لكن يبقى قوله { ليطهركم به } نصا في أن فعله متعد إلى غيره . وهذه المسألة إنما أوجب الخلاف فيها ما صار إليه الحنفية والشافعية ، وهي : المسألة الثالثة : حين قالوا : إن ; لأن المنع الذي كان في الأعضاء انتقل إلى الماء . الماء المستعمل في رفع الحدث لا يجوز الوضوء به مرة أخرى
وقال علماؤنا حينئذ : إن وصف الماء بأنه طهور يقتضي التكرار على رسم بناء المبالغة ، وهذا مما لا يحتاج إليه ، حسبما بيناه في مسائل الخلاف .
وإنما تنبني مسألة الماء المستعمل على أصل آخر ، وهو أن الآلة إذا أدي بها فرض ، هل يؤدى بها فرض آخر أم لا ؟ فمنع ذلك المخالف قياسا على الرقبة ، إنه إذا أدي بها فرض عتق لم يصلح أن يتكرر في أداء فرض آخر ، وهذا باطل من القول ، فإن العتق إذا أتى على الرق أتلفه ، فلا يبقى محل لأداء الفرض بعتق آخر .
ونظيره من الماء ما تلف على الأعضاء ، فإنه لا يصح أن يؤدى به فرض آخر لتلف عينه حسا ، كما تلف الرق في الرقبة بالعتق الأول حكما ، وهذا نفيس فتأملوه . وفي الصحيح عن قال { جابر } . وذكر الحديث . : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل ، فتوضأ فصب علي من وضوئه ، فأفقت
وهذا يدل على أن طاهر ، لا على طهارة الماء المستعمل ، كما توهمه علماؤنا ، وهذا خطأ فاحش فتأملوه . الماء الفاضل عن الوضوء والجنابة