الآية السادسة
قوله تعالى : { لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة } .
فيها ثلاث مسائل : المسألة الأولى : في تفسير الخلفة : وفيها ثلاثة أقوال : الأول : أنه جعل أحدهما مخالفا للآخر ، يتضادان ، ويتعارضان وضعا ووقتا ، وبذلك نميز .
الثاني : أنه إذا مضى واحد جاء آخر ، ومنه قول : بها العيس والآرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم الثالث : معنى خلفة : ما فات في هذا خلفه في هذا . أبي بن كعب
في الحديث الصحيح : { } . [ ص: 450 ] سمعت ذا الشهيد الأكبر يقول : إن الله خلق العبد حيا ، وبذلك كماله ، وسلط عليه آفة النوم ، وضرورة الحدث ، ونقصان الخلقة ، إذ الكمال للأول الخالق ، فما أمكن الرجل من دفع النوم بقلة الأكل والسهر في الطاعة فليفعل . ومن الغبن العظيم أن يعيش الرجل ستين سنة ينام ليلها ، فيذهب النصف من عمره لغوا ، وينام نحو سدس النهار راحة ، فيذهب ثلثاه ، ويبقى له من العمر عشرون سنة . ما من امرئ تكون له صلاة بليل ، فغلبه عليها نوم ، فيصلي ما بين طلوع الشمس إلى صلاة الظهر إلا كتب الله له أجر صلاته ، وكان نومه صدقة عليه
ومن الجهالة والسفاهة أن يتلف الرجل ثلثي عمره في لذة فانية ، ولا يتلف عمره بسهره في لذة باقية عند الغني الوفي الذي ليس بعديم ولا ظلوم .