فيها ثلاث مسائل : المسألة الأولى : قوله : { هونا } الهون : هو الرفق والسكون ، وذلك يكون بالعلم والحلم والتواضع ، لا بالمرح والكبر ، والرياء والمكر ، وفي معناه قلت : [ ص: 451 ]
تواضعت في العلياء والأصل كابر وحزت نصاب السبق بالهون في الأمر سكون فلا خبث السريرة أصله
وجل سكون الناس من عظم المكر
وكان يسرع جبلة لا تكلفا . والقصد والتؤدة وحسن الصمت من أخلاق النبوة . وقد بيناه في قبس الموطأ . عمر بن الخطاب
وقد قيل : معناه يمشون رفقا من ضعف البدن ، قد براهم الخوف ، وأنحلتهم الخشية ، حتى صاروا كأنهم الفراخ . المسألة الثانية : قوله تعالى { وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما }
اختلف في الجاهلين على قولين : أحدهما : أنهم الكفار .
الثاني : أنهم السفهاء . المسألة الثالثة : قوله تعالى : { سلاما }
فيه وجهان : أحدهما : أنه بمعنى حسن وسداد .
الثاني : أنه قول سلام عليكم . قال : لم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ، ولكنه على معنى قولهم : [ تسلمنا منكم ] ولا خير بيننا ولا شر . سيبويه
قال الفقيه رحمه الله : ولا نهوا عن ذلك ، بل أمروا بالصفح والهجر الجميل ، وقد كان من سلف من الأمم في دينهم التسليم على جميع الأمم . القاضي أبو بكر
وفي الإسرائليات : إن عيسى مر به خنزير فقال له : اذهب بسلام حين لم يقل وهو لا يعقل السلام . [ ص: 452 ] فأما الكفار فكانوا يفعلونه وتلين جوانبهم به ؟ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على أنديتهم ويحييهم ويدانيهم ولا يداهنهم . فيحتمل قوله : { قالوا سلاما } المصدر ، ويحتمل أن يكون المراد به التحية . وقد بينا ذلك كله في سورة هود .
وقد اتفق الناس على أن السفيه من المؤمنين إذا جفاك يجوز أن تقول له سلام عليك .
وهل وضع السلام في أحد القولين إلا على معنى السلامة والتواد ؟ كأنه يقول له : سلمت مني ، فأسلم منك .