المسألة الثامنة عشرة : قوله تعالى : { أجرا عظيما } المعنى أعطاهن الله بذلك ثوابا متكاثر الكيفية والكمية في الدنيا والآخرة ، وذلك بين في نؤتها أجرها مرتين } ، وزيادة رزق كريم معد لهن . قوله : {
أما ثوابهن في الآخرة فكونهن مع النبي صلى الله عليه وسلم في درجته في الجنة ، ولا غاية بعدها ، ولا مزية فوقها ، وفي ذلك من زيادة النعيم والثواب على غيرهن ; فإن الثواب والنعيم على قدر المنزلة . [ ص: 566 ]
وأما في الدنيا فبثلاثة أوجه :
أحدها : أنه جعلهن أمهات المؤمنين ، تعظيما لحقهن ، وتأكيدا لحرمتهن ، وتشريفا لمنزلتهن .
الثاني : أنه حظر عليه طلاقهن ، ومنعه من الاستبدال بهن ، فقال : { لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن } .
والحكمة أنهن لما لم يخترن عليه غيره أمر بمكافأتهن في التمسك بنكاحهن .
فأما منع الاستبدال بهن فاختلف العلماء ; هل بقي ذلك مستداما أم رفعه الله عنه ، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
وهذا يدل على أن الله يثيب العبد في الدنيا بوجوه من رحمته وخيراته ، ولا ينقص ذلك من ثوابه في الآخرة . وقد يثيبه في الدنيا ، وينقصه بذلك في الآخرة ، على ما تقدم بيانه في موضعه .
الثالث : أن من قذفهن حد حدين ، كما قال . مسروق
والصحيح أنه حد واحد كما تقدم بيانه في سورة النور ، من أن عموم قوله : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } .
يتناول كل محصنة ، ولا يقتضي شرفهن زيادة في الحد لهن ; لأن شرف المنزلة لا يؤثر في الحدود بزيادة ، ولا نقصها يؤثر في الحد بنقص ، والله أعلم .