المسألة الثانية قد بينا فيما سبق من أوضاعنا في الأصول وجه إعجاز القرآن  وخروجه عن أنواع كلام العرب  ، وخصوصا عن وزن الشعر ; ولذلك قال أخو أبي ذر   لأبي ذر    : لقد وضعت قوله على أقوال الشعراء فلم يكن عليها ، ولا دخل في بحور العروض الخمسة عشر ، ولا في زيادات المتأخرين عليها ; لأن تلك البحور تخرج من خمس دوائر : إحداها دائرة المختلف ينفك منها ثلاثة أبحر : وهي الطويل ، والمديد ، والبسيط ; ثم تتشعب عليها زيادات كلها منفكة . 
الدائرة الثانية دائرة المؤتلف ينفك منها بحر الوافر ، والكامل ، ثم يزيد عليها زيادات لا تخرج عنها .  [ ص: 18 ] 
الدائرة الثالثة دائرة المتفق ، وينفك منها في الأصل الهزج ، والرجز ، والرمل ، ثم يزيد عليها ما يرجع إليها . 
الدائرة الرابعة دائرة المجتث يجري عليها ستة أبحر : وهي السريع ، والمنسرح ، والخفيف ، والمضارع ، والمقتضب ، والمجتث ، ويزيد عليها ما يجري معها في أفاعيلها . 
الدائرة الخامسة دائرة المنفرد ، وينفك منها عند  الخليل  والأخفش  بحر واحد : وهو المتقارب ، وعند  الزجاج  بحر آخر سموه المجتث والمتدارك وركض الخيل . 
ولقد اجتهد المجتهدون في أن يجروا القرآن أو شيئا منه على وزن من هذه الأوزان فلم يقدروا ، فظهر عند الولي والعدو أنه ليس بشعر ; وذلك قوله : { وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين    } . وقال : { وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون    } . 
				
						
						
