[ الآية السابعة ]
nindex.php?page=treesubj&link=24491_20065_20042قوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم } .
فيها مسألتان :
[ ص: 78 ] المسألة الأولى : هذه الآية في مقابلة الآية المتقدمة في ( براءة ) ، وهي قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ما على المحسنين من سبيل } فكما نفى الله السبيل عمن أحسن فكذلك أثبتها على من ظلم ، واستوفى بيان القسمين . المسألة الثانية : روى
ابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وسئل عن قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : لا أحلل أحدا . فقال : ذلك يختلف . فقلت : يا
أبا عبد الله ، الرجل يسلف الرجل فيهلك ، ولا فاء له . قال : أرى أن يحلله ، وهو أفضل
عندي لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=18الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه } وليس كلما قال أحد وإن كان له فضل يتبع . فقيل له : الرجل يظلم الرجل ، فقال : لا أرى ذلك ، وهو مخالف عندي للأول ، لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إنما السبيل على الذين يظلمون الناس } ، ويقول تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ما على المحسنين من سبيل } فلا أرى أن تجعله من ظلمه في حل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : فصار في المسألة ثلاثة أقوال : أحدها لا يحلله بحال ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب .
والثاني : يحلله ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين .
الثالث إن كان مالا حلله ، وإن كان ظلما لم يحلله ; وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وجه الأول ألا يحلل ما حرم الله ، فيكون كالتبديل لحكم الله .
ووجه الثاني أنه حقه ; فله أن يسقطه [ كما يسقط دمه وعرضه ] .
ووجه الثالث الذي اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك هو أن الرجل إذا غلب على حقك فمن الرفق به أن تحلله ، وإن كان ظالما فمن الحق ألا تتركه لئلا يغتر الظلمة ، ويسترسلوا في أفعالهم القبيحة .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، عن
عبادة بن الوليد بن عبادة الصامت قال : خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من
الأنصار قبل أن يهلكوا ، فكان أول من لقينا
أبو اليسر صاحب
[ ص: 79 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غلام له معه ضمامة من صحف وعلى
أبي اليسر بردة ومعافري ، وعلى غلامه بردة ومعافري ، فقال له أبي : أي عم ; أرى في وجهك سفعة من غضب . فقال : أجل ، كان لي على فلان ابن فلان الحرامي دين ، فأتيت أهله فسلمت ، وقلت : أثم هو ؟ قالوا : لا ، فخرج علي ابن له جفر ، قلت له : أين أبوك ، فقال : سمع صوتك فدخل أريكة أمي ، فقلت : اخرج إلي ، فقد علمت أين أنت ، فخرج ، فقلت له : ما حملك على أن اختبأت مني ؟ قال : أنا والله أحدثك ، ثم لا أكذبك ، خشيت والله أن أحدثك فأكذبك ، وأعدك فأخلفك ، وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت والله معسرا . قال : فقلت : آلله ، قال : آلله . قلت : آلله ، قال : آلله ، قال : فقلت : آلله ، قال : آلله . قال : فأتى بصحيفته فمحاها بيده . قال : إن وجدت قضاء فاقض ، وإلا فأنت في حل . .
وذكر الحديث .
وهذا في الحي الذي يرجى له الأداء لسلامة الذمة ، ورجاء التحلل ، فكيف بالميت الذي لا محالة معه ، ولا ذمة معه ،
[ الْآيَةُ السَّابِعَةُ ]
nindex.php?page=treesubj&link=24491_20065_20042قَوْله تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
[ ص: 78 ] الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : هَذِهِ الْآيَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي ( بَرَاءَةٌ ) ، وَهِيَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ } فَكَمَا نَفَى اللَّهُ السَّبِيلَ عَمَّنْ أَحْسَنَ فَكَذَلِكَ أَثْبَتَهَا عَلَى مَنْ ظَلَمَ ، وَاسْتَوْفَى بَيَانَ الْقِسْمَيْنِ . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : رَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ nindex.php?page=showalam&ids=16472وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : لَا أُحَلِّلُ أَحَدًا . فَقَالَ : ذَلِكَ يَخْتَلِفُ . فَقُلْت : يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، الرَّجُلُ يُسَلِّفُ الرَّجُلَ فَيَهْلِكُ ، وَلَا فَاءَ لَهُ . قَالَ : أَرَى أَنْ يُحَلِّلَهُ ، وَهُوَ أَفْضَلُ
عِنْدِي لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=18الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } وَلَيْسَ كُلَّمَا قَالَ أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ يُتْبَعُ . فَقِيلَ لَهُ : الرَّجُلُ يَظْلِمُ الرَّجُلَ ، فَقَالَ : لَا أَرَى ذَلِكَ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ عِنْدِي لِلْأَوَّلِ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ } ، وَيَقُولُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ } فَلَا أَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فِي حِلٍّ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا لَا يُحَلِّلُهُ بِحَالٍ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ .
وَالثَّانِي : يُحَلِّلُهُ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ .
الثَّالِثُ إنْ كَانَ مَالًا حَلَّلَهُ ، وَإِنْ كَانَ ظُلْمًا لَمْ يُحَلِّلْهُ ; وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ .
وَجْهُ الْأَوَّلِ أَلَّا يُحَلِّلَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ، فَيَكُونَ كَالتَّبْدِيلِ لِحُكْمِ اللَّهِ .
وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ حَقُّهُ ; فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ [ كَمَا يُسْقِطُ دَمَهُ وَعَرْضَهُ ] .
وَوَجْهُ الثَّالِثِ الَّذِي اخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ هُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا غُلِبَ عَلَى حَقِّك فَمِنْ الرِّفْقِ بِهِ أَنْ تُحَلِّلَهُ ، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فَمِنْ الْحَقِّ أَلَّا تَتْرُكَهُ لِئَلَّا يَغْتَرَّ الظَّلَمَةُ ، وَيَسْتَرْسِلُوا فِي أَفْعَالِهِمْ الْقَبِيحَةِ .
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ ، عَنْ
عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ الصَّامِتِ قَالَ : خَرَجْت أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ
الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا ، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِيَنَا
أَبُو الْيُسْرِ صَاحِبُ
[ ص: 79 ] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ مَعَهُ ضِمَامَةٌ مِنْ صُحُفٍ وَعَلَى
أَبِي الْيُسْرِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ ، وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ ، فَقَالَ لَهُ أَبِي : أَيْ عَمُّ ; أَرَى فِي وَجْهِك سُفْعَةً مِنْ غَضَبٍ . فَقَالَ : أَجَلْ ، كَانَ لِي عَلَى فُلَانٍ ابْنِ فُلَانٍ الْحَرَامِيِّ دَيْنٌ ، فَأَتَيْت أَهْلَهُ فَسَلَّمْت ، وَقُلْت : أَثَمَّ هُوَ ؟ قَالُوا : لَا ، فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ ، قُلْت لَهُ : أَيْنَ أَبُوك ، فَقَالَ : سَمِعَ صَوْتَك فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي ، فَقُلْت : اُخْرُجْ إلَيَّ ، فَقَدْ عَلِمْت أَيْنَ أَنْتَ ، فَخَرَجَ ، فَقُلْت لَهُ : مَا حَمَلَك عَلَى أَنْ اخْتَبَأْت مِنِّي ؟ قَالَ : أَنَا وَاَللَّهِ أُحَدِّثُك ، ثُمَّ لَا أَكْذِبُك ، خَشِيت وَاَللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَك فَأَكْذِبَك ، وَأَعِدُك فَأُخْلِفُك ، وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْت وَاَللَّهِ مُعْسِرًا . قَالَ : فَقُلْت : آللَّهُ ، قَالَ : آللَّهُ . قُلْت : آللَّهُ ، قَالَ : آللَّهُ ، قَالَ : فَقُلْت : آللَّهُ ، قَالَ : آللَّهُ . قَالَ : فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ . قَالَ : إنْ وَجَدْت قَضَاءً فَاقْضِ ، وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي حِلٍّ . .
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ .
وَهَذَا فِي الْحَيِّ الَّذِي يُرْجَى لَهُ الْأَدَاءُ لِسَلَامَةِ الذِّمَّةِ ، وَرَجَاءِ التَّحَلُّلِ ، فَكَيْفَ بِالْمَيِّتِ الَّذِي لَا مَحَالَةَ مَعَهُ ، وَلَا ذِمَّةَ مَعَهُ ،