المسألة الخامسة قوله تعالى : { لو تزيلوا } يعني المؤمنين منهم لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما . تنبيه على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن إذا لم تمكن إذاية الكافر إلا بإذاية المؤمن .
وقال أبو زيد : قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن قوما في المشركين في حصن من حصونهم حصرهم أهل الإسلام ، وفيهم قوم من المسلمين أسارى في أيديهم ; أيحرق هذا الحصن أم لا يحرق ؟ قال : سمعت وسأل عن قوم من المشركين [ يرمون ] في مراكبهم أخذوا [ ص: 116 ] أسارى من المسلمين [ وأدركهم أهل الإسلام فأرادوا أن يحرقوهم ومراكبهم بالنار ] ومعهم الأسارى في مراكبهم ، وقال : فقال مالكا : لا أرى ذلك ، لقوله تعالى لأهل مالك مكة : { لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما } .
وقال جماعة : إن معناه لو تزيلوا عن بطون النساء وأصلاب الرجال . وهذا ضعيف لقوله تعالى { أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم } وهو في صلب الرجل لا يوطأ ولا تصيب منه معرة ، وهو سبحانه وتعالى قد صرح فقال : { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم } وذلك لا ينطلق على ما في بطن المرأة وصلب الرجل ; وإنما ينطلق على مثل الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، وأبي جندل بن سهيل ، وكذلك قال . مالك
وقد حاصرنا مدينة للروم ، فحبس عنهم الماء ، فكانوا ينزلون الأسارى يستقون لهم الماء ، فلا يقدر أحد على رميهم بالنبل ، فيحصل لهم الماء بغير اختيارنا .
وقد جوز وأصحابه أبو حنيفة والثوري ، ولو الرمي في حصون المشركين ، وإن كان فيهم أسارى المسلمين وأطفالهم رمي المشرك وإن أصيب أحد من المسلمين فلا دية فيه ولا كفارة . تترس كافر بولد مسلم
وقال : فيه الكفارة ولا دية له . الثوري
وقال بقولنا . وهذا ظاهر ; فإن التوصل إلى المباح بالمحظور لا يجوز ، ولا سيما بروح المسلم ، فلا قول إلا ما قاله الشافعي ، والله أعلم . مالك