الآية السادسة قوله تعالى : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى } .
وهذا كلام مبتدأ غير الأول لمستحق غير الأول ، وسمى الآية الثالثة آية الغنيمة ، ولا شك في أنه معنى آخر باستحقاق ثان لمستحق آخر ، بيد أن الآية الأولى والثانية اشتركتا في أن كل واحدة منهما تضمنت شيئا أفاءه الله على رسوله ، واقتضت الآية الأولى أنه حاصل بغير قتال ، واقتضت آية الأنفال أنه حاصل بقتال ، وعريت الآية الثالثة وهي قوله : { ما أفاء [ ص: 181 ] الله على رسوله من أهل القرى } عن ; فنشأ الخلاف من هاهنا ، فمن طائفة قالت : هي ملحقة بالأولى ، وهو مال الصلح كله ونحوه . ومن طائفة قالت : هي ملحقة بالثانية ; وهي آية الأنفال . ذكر حصوله لقتال أو لغير قتال
والذين قالوا : إنها ملحقة بآية الأنفال اختلفوا : هل هي منسوخة كما تقدم أو محكمة ؟ وإلحاقها بشهادة الله بالأولى أولى ; لأن فيه تجديد فائدة ومعنى . ومعلوم أن حمل الحرب على فائدة مجددة أولى من حمله على فائدة معادة . وهذا القول ينظم لك شتات الرأي ، ويحكم المعنى من كل وجه ; وإذا انتهى الكلام إلى هذا القدر فيقول : إن الآية الثانية في مالك بني قريظة إشارة إلى أن معناها يعود إلى آية الأنفال ويلحقها النسخ ، وهو أقوى من القول بالإحكام ، ونحن لا نختار إلا ما قسمنا وبينا أن الآية الثانية لها معنى مجدد حسبما دللنا عليه . والله أعلم .