[ ص: 197 ] المسألة الثانية عشرة أما فجائز على ما مضى من سورة الأنفال لمدة ومطلقا إليهم لغير مدة . عقد الهدنة بين المسلمين والكفار
فأما عقده على أن يرد من أسلم إليهم فلا يجوز لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وإنما جوزه الله له لما علم في ذلك من الحكمة ، وقضى فيه من المصلحة ، وأظهر فيه بعد ذلك من حسن العاقبة وحميد الأثر في الإسلام ما حمل الكفار على الرضا بإسقاطه ، والشفاعة في حطه ; ففي الصحيح : { يوم سهيل بن عمرو الحديبية على قصر المدة ، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فنزلوا يأكلون ، فقتل أبو بصير أحدهما ، وفر الآخر ، حتى أتى المدينة ، فدخل المسجد يعدو . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد رأى هذا ذعرا ، فجاء أبو بصير ، فقال : يا رسول الله ، وقد أوفى الله ذمتك ، ثم أنجاني منهم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ويل أمه مسعر حرب لو كان معه رجال ، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر قال : وتفلت منهم أبو جندب بن سهيل ، فلحق بأبي بصير ، وجعل لا يخرج رجل من قريش أسلم إلا لحق بأبي بصير ، حتى اجتمعت منهم عصابة ، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوهم فقتلوهم ، وأخذوا بأموالهم . فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تنشده الله والرحم إلا أرسل إليهم ، فمن أتاه فهو آمن . فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ، فأنزل الله : { وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم } الآية إلى { حمية الجاهلية } } ; فظن الناس أن ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم في الانقياد إليهم عن هوان ، وإنما كان عن حكمة حسن مآلها ، كما سقناه آنفا من الرواية ، والله أعلم . لما كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم