المسألة الثانية عشرة قوله تعالى : { إذا نودي للصلاة } يختص بوجوب ; فأما الجمعة على القريب الذي يسمع النداء فلا يدخل تحت الخطاب . البعيد الدار الذي لا يسمع النداء
واختلف الناس فيمن يأتي الجمعة من الداني والقاصي اختلافا متباينا بيناه في المسائل وغيرها من الخلافيات .
وجملة القول فيه أن المحققين من علمائنا قالوا : إن الجمعة تلزم من كان على ثلاثة أميال من المدينة ، لوجهين : أحدهما أن أهل العوالي كانوا يأتونها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته أن الصوت إذا كان رفيعا والناس في هدوء وسكون فأقصى سماع الصوت ثلاثة أميال ; وهذا نظر وملاحظة إلى قوله تعالى : { نودي } ; وهو الصحيح .
فإن قيل : فإن العبد والمرأة يسمعان النداء ، وقد قلتم لا تجب الجمعة عليهما . [ ص: 215 ] قلنا : أما ; لأنها ليست من أهل الجماعة ; ولهذا لا تدخل في خطابها . وأما العبد ففي صحيح المذهب لا تجب عليه ; لأن نقص الرق أثر بصفته حتى لم تقبل شهادته ، ولا يلزم عليه الفاسق ; لأن نقصه في فعله ، وهذا نقصه في ذاته ; فأشبه نقص المرأة ومن النكت البديعة في المرأة فلا يلزمها خطاب الجمعة قوله تعالى : { سقوط الجمعة عن العبد وذروا البيع } ; فإنما خاطب الله بالجمعة من يبيع ، والعبد والصبي لا يبيعان ; فإن العبد تحت حجر السيد ، والصبي تحت حجر الصغر .